والثاني: المنع؛ بالقياس على المهدي، ويشهد له الحديث، والمعنى فيه: أنه يجوز أن تلحقهم التهمة في السعي في سبب عطبها؛ ليأكلوا منها قبل محلها، وهذا هو الصحيح في الرافعي، والمختار في "المرشد"، والمحكي في "النهاية" عن الشافعي لا غير.

وهذا إذا كان الهدي واجباً بالنذر، أما إذا كان تطوعاً، فهو له، يفعل [فيه] ما شاء من بيع وأكل وغيرهما؛ صرح به الرافعي وأبو الطيب وغيرهما.

وفي "الحاوي" في باب الهدي من كتاب الحج: أنه إذا كان تطوعاً، فعليه أن ينحره في موضعه، ويخلي بينه وبين المساكين، وليس له أن يأكل منه غنياً كان أو فقيراً، ولا أحد من أغنياء رفقته، وكذا فقراؤهم على مذهب الشافعي، وهذا ما أورده الفوراني كما سنذكره.

[ثم] قال الماوردي: ومن أصحابنا من قال: يجوز الأكل؛ لفقراء الرفقة.

فرع: لو لم ينحر ما عطب حتى مات مع تمكنه من ذبحه، ضمنه، ومن طريق الأولى إذا أتلفه، ويكون الضمان بأكثر الأمرين من قيمته وقت التعدي بعدم الذبح أو الإتلاف، أو هدياً مثله، ويجب تفريق ذلك على مساكين الحرم؛ كما قال ابن الصباغ؛ لأنه لا يتعذر نقله إليهم.

وإن لم يتمكن من الذبح حتى تلف بآفة سماوية، فهل يضمنه؟ فيه وجهان في "الحاوي":

أحدهما- وهو الأصح فيه، وبه جزم غيره-: لا؛ لأنه بعد النذر كالأمانة في يده، وكما لو نذر عتق عبد، فمات قبل عتقه، لا يضمنه.

والثاني: يضمنه؛ لتعلق نذره بذمته بجهة باقية، وخالف نذر العتق للعبد؛ فإن الجهة المستحقة له فائتة.

قال في باب الهدي: وعلى هذا لو كان قد نحره، فإن له أكله؛ وهذا الوجه لم يحك الفوراني سواه؛ فإنه قال: لو عطب الهدي في الطريق، فذبحه قبل أن يبلغ به مكة، نظر: فإن كان تطوعاً، لم يحل له ولا لمن معه من أصحابه أكله؛ لأنه متهم بأن يكون قد ندم على سوقه، فأحدث ما أتلفه؛ ليأكل ويأكلون.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015