قال: فإن أعوزه الإبل، أخرج بقرة؛ وإن أعوزه البقر، أخرج سبعاً من الغنم؛ لأن ذلك يقوم مقام البدنة في الشرع؛ فحمل النذر عليه عند العجز؛ وهذا هو المنصوص، والذي صححه القاضي الحسين وغيره، وقال به عامة الأصحاب؛ كما قال في "البحر"؛ وعلى هذا لو عدم الجميع لم يجز أن يعدل إلى الإطعام وإن كان في الشرع بدل منها؛ لانتفاء اسم البدنة عنه، ونحن نراعي في النذر عرف الشرع مع وجود الاسم إما حقيقة أو مجازاً؛ لتكون معانيها تبعاً لها، وإن كانت في الشرع تبعاً لمعانيها؛ ألا ترى أنه لو نذر عتق عبد فعدمه، لم يعدل عنه إلى الصيام وإن كان بدلاً من العتق في الكفارات.
وقيل: هو مخير بين الثلاثة؛ لأن الشرع أقام البقرة والسبع من الغنم مقام البدنة؛ فجاز أن يتخير فيها، ولأن إطلاق الناذر يحمل على معهود الشرع، والبدنة المعهودة في الشرع تكون من الإبل، وتكون من البقر، وتكون سبعاً من الغنم؛ قال الله تعالى: {وَالْبُدْنَ جَعَلْنَاهَا لَكُمْ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ} [الحج: 36]، والمراد به هذا- كما قال القاضي الحسين- فخير فيه.
والإمام والقاضي الماوردي استدلا بالآية على أن إطلاق البدنة منطلق على الإبل لا غير.
قال القاضي أبو الطيب وغيره من العراقيين: وأصل هذين الوجهين ما إذا فسد حجه؛ فإنه يجب عليه بدنة، وهل تكون مرتبة أو مخيراً فيها؟ على وجهين؛ كذا في مسألتنا.
قال الطبري في "العدة": وهذا إذا قلنا: إن مطلق النذر يحمل على المعهود في الشرع، فأما إذا قلنا بالقول الآخر؛ فلا تجزئ فيه البقرة، ولا السبع من الغنم؛ لأن اسم البدنة من جهة اللسان غير واقع على هذين الجنسين.
وعلى هذا يبقى في ذمته إلى أن يقدر.
وما ذكره في منازعة تظهر لك كما ذكرناه في باب كفارات الإحرام.