قال: وقائله يقول ما ذكره الشافعي من إجزاء التمرة، قاله على سبيل المبالغة.
ثم على هذا القول، فالفرق بين هذه المسألة والتي قبلها: أن هناك قد أدخل الألف واللام في لفظه، وهما يدخلان لجنس أو معهود، فلما لم ينصرفا إلى عموم الجنس، انصرفا إلى معهود الشرع، وهو الضحايا، وهاهنا نكرة، والمنكر يقع على القليل والكثير، وهذا الفرق قاله الشيخ أبو حامد ومن تبعه؛ لاعتقادهم أن المسألة الأولى لا خلاف فيها؛ كما حكاه القاضي الحسين ومجلي.
وقال في "الحاوي": إن سائر أصحابنا ذهبوا إلى استواء الحكم في الصورتين.
أما إذا كانت له نية بأن قال: "لله علي أن أهدي هدياً"، ونوى بهيمة، أو جدياً، أو رضيعاً- فقد قال في [الأم كما حكاه] في "البحر": إنه يجزئ كما لو نذر أن يهدي شاة عرجاء، أو عوراء، وما لا يجزئ في الأضحية.
قال الشافعي: لأن [كل] هذا هدي؛ ألا ترى إلى قوله- تعالى-: {وَمَنْ قَتَلَهُ مِنْكُمْ مُتَعَمِّداً} [المائدة: 95]، [وقد يقتل صغيراً، أو أعرج، أو أعور، ويجزئه مثله].
وقد فرع الأصحاب على القولين في مسألة الكتاب فرعين:
أحدهما: قال ابن الصباغ: إذا قال: "لله عليه أن أهدي بدنة، أو بقرة، أو شاة"، فإن قلنا: إنه إذا أطلق، لزمه ما يجزئ في الهدي، وجب عليه بدنة، أو بقرة تجزئ.
وإن قلنا: يجزئه أي شيء أخرجه، أجزأه أي بدنة كانت، أو أي بقرة كانت.
وفي "النهاية" حكاية الخلاف المذكور عن العراقيين فيما إذا قال: "لله علي أن أضحي ببعير أو شاة أو بقرة"، فقال: إن الذي ذهب إليه المحققون أن مطلق ذلك محمول على الذي يجزئ في الأضحية.
وذكر العراقيون هذا ووجهاً آخر، وهو أن اللفظ يتنزل على الاسم، ولا يشترط السن، ولا السلامة.
نعم: لا يجزئ الحوار ولا الفصيل، ولا يقبل الفحل، والمذكور البقرة، كما لا يقبل السخلة، والمذكور الشاة.
قلت: وهذا فيه نظر؛ لأن التضحية تسمية شرعية مخصوصة بنوع خاص؛ فينبغي أن يحمل نذره عليه جزماً؛ إذ لا معهود لها في العرف غير ذلك، ولا في اللغة حتى