فأتاه أعرابي، فقال: ما لي أرى بني عمكن يسقون العسل واللبن، وأنتم تسقون النبيذ، أمن حاجة بكم، أم من بخل؟! فقال: ابن عباس الحمد لله ما بنا من حاجة، ولا بخل، قدم النبي صلى الله عليه وسلم على راحلته، وخلفه أسامة، فاستسقى فأتيناه بإناء من نبيذ، فشرب، وأسقى فضلته أسامة، وقال: "أحسنتم، وأجملتم، فاصنعوا"؛ فلا نريد تغيير ما أمر به رسول الله صلى الله عليه وسلم.

وقد كانت في يد قصي بن كلاب، ثم ورثها منه ابنه عبد مناف، ثم منه ابنه هاشم، ثم منه ابنه عبد المطلب، ثم منه ابنه العباس، ثم منه ابنه عبد الله، ثم منه ابنه علي، ثم واحد بعد واحد.

ولا يختص ما ذكرناه من الحكم ببني العباس، بل هو جارٍ فيهم، وفي غيرهم إذا تولوا السقاية.

قال أبو الطيب: لوجود المعنى المجوز لبني العباس فيهم، نعم لو أحدثت سقاية غير سقاية العباس، وتولي السقي فيها بنو العباس أو غيرهم، لا يشرع لهم الترخص كأهل سقاية العباس؛ كما حكاه في "الحاوي" عن نص الشافعي - رضي الله عنه – وهو الذي حكاه ابن كج وغيره أيضاً.

وفي "التهذيب": أنه لو استحدث سقايات للحج فللقائم بشأنها ترك المبيت أيضاً، وهو الذي أورده النواوي في "المناسك".

وحكى البندنيجي في تعليقه فيما لو عمل في سقاية العباس غير أهل العباس أو عمل أهل العباس في سقاية غيرها وجهين:

أحدهما: ليس لهم ذلك.

والثاني: لهم ذلك.

وقد حكى الرافعي الوجه المنقول في اختصاص بني العباس بما ذكرناه عن بعض الأصحاب، وقال: إن منهم من يجعل الاختصاص ببني هاشم؛ وهذا قد عزاه الإمام إلى رواية بعض العراقيين.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015