قال: أحدها: يلزمه ثلث دم، وهو الذي حكاه الحميدي.

والثاني: مد، وهو الذي نص عليه هنا، والأصح عند النواوي وغيره.

والثالث: درهم.

وهذه الأقوال الثلاثة كالأقوال فيما إذا قلم ظفراً، أو حلق شعرة، وقد تقدم توجيهها.

ولا يخفى عليك بعد ذلك ما الواجب عليه فيما إذا ترك حصاتين؟

وقد حكى الإمام وجهاً غريباً أن الدم يكمل في حصاة واحدة، وهو نظير ما حكيناه من أنه يكمل في شعرة واحدة.

ثم اعلم أن ترك الجمرة الواحدة والحصاة الواحدة إنما يتصور ذلك – بلا خلاف – من الجمرة الأخيرة من رمي اليوم الأخير: إما الثالث من أيام التشريق، أو الثاني منها إذا نفر فيه قبل غروب شمسه؛ كما قال الماوردي، وابن الصباغ، والقاضي الحسين، وغيرهم.

أما لو كانت من رمي يوم النحر، فالقياس أن نقول: إن قلنا: إنه مستقل بنفسه، فالحكم كذلك، وهو المذكور في "التهذيب".

وإن قلنا: إنه كيوم من أيام التشريق، أو كان ذلك من رمي يوم –ولو اليوم الثاني من أيام التشريق؛ إذا لم ينفر قبل غروب شمسه – فينبني على أن الترتيب في التدارك واجب أولاً.

فإن لم نوجبه، تصور ذلك أيضاً، ولا ينبغي أن يكون في ذلك خلاف، وإن كان ما سنذكره من بعد ينفي ذلك.

وإن أوجبنا الترتيب، فلا يتصور؛ لأنها إن كانت من رمي يوم النحر، فرميه في اليوم الأول من أيام التشريق، وما بعده في الجمرة الثالثة على أنه كذلك اليوم قلنا: فيه وجهان:

أحدهما: أنه لا يصح أصلاً، وحينئذ فيكون عليه حصاة من رمي يوم النحر، ووظيفة أيام التشريق كلها، وما يجب عليه من الدم يؤخذ مما قدمته من الأصول.

وقد قال في "التتمة" فيما إذا ترك حصاة من يوم النحر: إنه يلزمه دم لأجلها؛ لأنها من أسباب التحلل، فإذا ترك شيئاً منها، لم يتحلل إلا ببدل كامل.

والثاني: أنه يصح، ويقع عما عليه، وهوا لصحيح وحينئذ يكون قد تم له بما رماه

طور بواسطة نورين ميديا © 2015