قال الرافعي: وقد زاد الإمام هنا، فقال: لو صرف الرمي عن قصده إلى غير النسك – كما لو رمى إلى شخص أو دابة في الجمرة – ففي انصرافه عن النسك الخلاف المذكور في الطواف.
قلت: وهذا بناء على اعتقاده: أن الرمي لا يفتقر إلى النية؛ اكتفاء بالنية الشاملة.
أما إذا قلنا باشتراطها – كما سبق- فلا يتأتى الخلاف، بل الجزم بعدم الإجزاء.
وهذا كله تفريع على أن المأتيَّ به تداركاً يكون قضاء، فإن قلنا: يكون أداءً فجملة أيام منى في حكم الوقت الواحد، وكل يوم للقدر المأمور به فيه وقت اختيار، كأوقات الاختيار للصلوات؛ كذا قاله الرافعي، وإليه وقت الإشارة من قبل.
وقال الإمام عن الأئمة: إنهم قالوا: لا يمتنع على هذا تقديم رمي يوم [إلى يوم].
وقال الرافعي: إنه يجوز أن يقال: إن وقته يتسع من جهة الآخر، دون الأول؛ فلا يجوز التقديم.
قال في "الروضة": وهو الصواب، وبه قطع الجمهور تصريحاً ومفهوماً.
قلت: ويؤيده دعوى الماوردي الإجماع على أنه لا يجوز رمي جميعها في اليوم الأول؛ فلأنه لو جاز تقديم رمي اليوم الثاني في اليوم الأول، لجاز الثالث [أيضاً، بل أولى؛ لأنه يسقط بالنفر [قبل] الغروب في اليوم الثاني.
وقد قال الإمام] بعد ذلك تفريعاً على جواز التقديم: إن مما أجراه صاحب التقريب رمزاً في أثناء كلامه أن قال: إذا جعلنا المستدرك من الرمي مقاماً في وقته أداءً، وقلنا بحسب ذلك، يجوز التقديم ويجزئ [فيلزم من] ذلك جواز التأخير – أيضاً – حتى لا ينسب المؤخر من غير علة إلى مأثم.
وهذا بعيد؛ فإن جواز ذلك مما خص به أهل السقاية، ورعاة الإبل، فإن كان يلزم ما قاله قياساً، فالوجه أن يستدل بهذا على فساد المصير إلى أن الرمي المقام بعد انقضاء وقته مؤدى.