قال: فيرمي الجمرة الأولى – أي: من ناحية المزدلفة، وهي التي تلي مسجد الخيف - ويقف قدر سورة البقرة، ويدعو الله تعالى، ثم يرمي الجمرة الوسطى، ليقف ويدعو كما ذكرنا، ثم يرمي الجمرة الثالثة - وهي جمرة العقبة- ولا يقف عندها؛ للخبر السابق، ولما سنذكره.
وهل الموالاة بين الرمي شرط حتى لو طوّل الفصل يبهما بأكثر مما ذكرناه لا يعتد به أو لا؟ فيه قولان في "التتمة":
قال الأصحاب; ويستحب في حال رميه الجمرة الأولى: أن يجعلها على يساره؛ ليكون مستقبل القبلة، ويقف بعد أن يتنحى عنها؛ بحيث لا تناله الحصاة.
وفي حال رمي الجمرة الوسطى، يجعلها على يمينه، ويستقبل القبلة، ويتنحى عنها قليلاً؛ لما ذكرناه؛ لأنه روي عن عبد الله بن عمر أنه كان يرمي الجمرة الدنيا سبع حصيات، يكبر على أثر كل حصاة، ثم يتقدم، فيستهل، فيقوم مستقبل القبلة قياماً طويلاً، ويدعو، ويرفع يديه، ثم يرمي الجمرة الوسطى كذلك، فيأخذ ذات الشمال، فيستهل، ويقوم مستقبل القبلة قياماً طويلاً، يدعو، ويرفع يديه، ثم يرمي الجمرة ذات العقبة من بطن الوادي، ولا يقف عندها، ويقول: "هكذا رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يفعل" أخرجه البخاري.
والمعنى فى كونه لا يقف عند جمرة العقبة، ويقف عند غيرها: أنَّ ما يليها ضيق، فإذا وقف فيه تأذى الناس بوقوفه، وما يلي غيرها واسع.
وقد رأيت في "تعليق القاضي أبي الطيب والحسين": أنه يجعل جمرة العقبة - أيضاً- على يمينه، ويستقبل القبلة.
تنبيه: مسجد الخيف: بفتح الخاء المعجمة، وهو مسجد عظيم بمنى، واسع جداً، فيه عشرون باباً، قد أوضحه الأزرقى، وبسط القول فى فضله، وبيان مساحته، وما يتعلق به، ودرك مقاصده.