الإحرام، ولما أجمعنا على جواز الوطء بعد الطواف؛ دلَّ على أن المنع منه قبل الطواف إنما كان لبقاء الإحرام نفسه دون حكمه.

واعلم أن القاضي أبا الطيب قال في كتاب النذور: إن قلنا إن الحلاق نسك، كان التحلل التام بأربعة أشياء: الرمي، والطواف، والسعي- إن لم يكن سعي- والحلاق.

وإن قلنا: إنه استباحة محظور، فهو يحمل بثلاثة أشياء: الرمي، والطواف، والسعي؛ إن لم يكن [قد] سعى.

[وأما التحلل الأول: فإن قلنا: إن الحلق نسك، حصل بفعل شيئين من أربعة، وهي: الرمي، والطواف، والسعي- إن لم يكن قد سعى - والجلاق، فمتى فعل شيئين من هذه الأربعة، حصل [التحلل الأول]]، [والحلاق] إن قلنا: إنه استباحة محظور حصل [التحلل الأول] بفعل شيء واحد من ثلاثة أشياء، وهي: الرمي، والطواف، والسعي، فمتى فعل واحداً من [هذه] الثلاثة؛ فقد حصل له التحلل.

وهذا منه فيه نظر؛ لما تقدم: أنه لا يعتد بسعي لم يتقدمه طواف؛ فكيف تقول: إنه متى فعل واحداً من الثلاثة حصل التحلل؟ فإن قلت: قد دلَّ الخبر على جواز السعي قبل الطواف.

روى أبو داود عن أسامة بن شريك قال: خرجت مع النبي صلى الله عليه وسلم حاجَّا، فكان الناس يأتونه، فمن قائل: يا رسول الله، سعيت قبل أن أطوف؟ أو قدمت شيئاً وأخَّرت شيئاً؟ فكان يقول: "لا حرج، لا حرج إلا على رجل افترض عرض رجل مسلم، وهو ظالم، فذاك الذي حرِج وهلك"؛ فيجوز أن يكون هذا الحديث مستند القاضي فيما ذكره.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015