فلو قدم الطواف على الرمي جاز، وكذا لو قدم النحر على الرمي، أو قدم الحلق على النحر جاز؛ لرواية مسلم عن عبد الله بن عمرو بن العاص قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول [و] أتاه رجل يوم النحر، وهو واقف عند الجمرة، فقال: يا رسول الله، إني حلقت قبل أن أرمي؟ قال: "ارم ولا حرج"، [فأتاه آخر، فقال: إني ذبحت قبل أن أرمي؟ فقال: "ارم ولا حرج"] [فأتاه آخر فقال: إني أفضت إلى البيت قبل أن أرمي؟ قال: "ارم ولا حرج"] فما رأيته مثل يومئذ عن شيء إلا قال: "افعل ولا حرج".
وأخرج مسلم عن عبد الله المذكور، قال: وقف رسول الله صلى الله عليه وسلم على راحلته، [فطفق الناس يسألونه، فيقول القائل منهم: يا رسول الله، إني لم أكن أشعر أن الرمي قل النحر؛ فنحرت قبل الرمي، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم "ارم ولا حرج" قال:] فطفق آخر يقول: لم أشعر أن النحر قبل الحلق؛ فحلقت قبل أن أنحر، فيقول: "انحر ولا حرج"، قال: فما سمعته سُئل يومئذ عن أمر مما ينسى المرء ويجهل إلا قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "افعلوا ولا حرج".
ولو قدم الحلق على الرمي والطواف، قال الأصحاب: فإن قلنا: إن الحلق نسك، جاز – أيضاً- ولا شيء عليه، وعليه يدل الحديث السابق.
وبه –أيضاً- يستدل على أن الحلق نسك.
وإن قلنا: إنه استباحة محظور، فعليه الفدية؛ لوقوع الحلق قبل التحلل؛ وهذا البناء هو الذي ذكره الجمهور.
وعلى ما ذكرناه يدل قول الشيخ من بعد: فإن قلنا: إن الحلق نسك حصل له التحلل الأول ... إلى آخره.