أسماعنا؛ حتى كنا سمع ما يقول ونحن في منازلنا، فطفق يعلمهم مناسكهم حتى بلغ الجمار، فوضع أصبعيه السبابتين، ثم قال: بحصى الخذف، وأخرجه النسائي.
فإن قيل: المستحب في النحر أن يكون قبل الزوال، فأي فائدة في تعليمهم سنته، وقد فات ذلك؟
قيل: فائدته: أن من وقع له فيه خلل تداركه كله؛ كما قلنا: إن المستحب في عيد الفطر: أن يؤدي زكاة الفطر، ثم يخرج إلى المصلى، ثم الإمام يخطب، ويعلمهم كيفية أدائها؛ كذا هنا؛ وهذه هي الخطبة الثالثة في الحج.
قال: ثم يفيض إلى مكة، ويغتسل ويطوف طواف الزيارة.
لا شك في أن الإفاضة إلى مكة في يوم النحر، لأجل الطواف مشروعة؛ لما سنذكره، والاغتسال له مسنون؛ لما تقدم وهو ما ادعى في "الوسيط": أنه قوله في القديم، وأنه لم يستحبه في الجديد، لاتساع وقته.
وقد اقتضى كلام الشيخ هنا وفي "المهذب": أن الإفاضة؛ لأجل الطواف تكون بعد الخطبة التي ذكر أنها تشرع بعد الظهر، وهو ما دل عليه كلام ابن الصباغ حيث قال: "يستحب أن يخطب الإمام يوم النحر بعد صلاة الظهر بمنى؛ فيعلِّم الناس النحر والرمي والمصير إلى طواف الإفاضة، وذلك وجه محكي في "تعليق القاضي أبي الطيب"؛ لأن عائشة قالت: "إن رسول الله صلى الله عليه وسلم أفاض في آخر النهار من يوم النحر".
وروى أبو داود عنها في الخبر الذي سنذكره: أنها قالت: "أفاض رسول الله صلى الله عليه وسلم من آخر يومه حين صلى الظهر، ثم رجع إلى منى".
وروي عنها وعن ابن عباس "أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أخَّر الطواف يوم النحر إلى