أنملة؛ [لتعم الشعر كله]، وهكذا نقول في الرجل إذا قصر.

قال: وهل الحلاق أو التقصير نسك، أي: في الحج والعمرة؟ فيه قولان:

أحدهما: أنه نسك، أي: فيثاب عليه؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: "إذا رميتم، وحلقتم [حل] لكم كل شيء إلا النساء"، علق الحل بالحلق، كما علقه بالرمي.

ولأن الحلق أفضل من التقصير، ويلزم بالنذر - كما تقدم، والتفضيل واللزوم بالنذر إنما يقع في القربات دون المباحات، وهذا هو الصحيح.

قال الإمام: وعلى هذا فهو ركن، وليس كالرمي والمبيت؛ فاعلم ذلك؛ فإنه متفق عليه، وآيته أنه مع الحكم بوجوبه لا يقوم الفداء مقامه؛ حنى لو فرض اعتلال في الرأس، تعسر معه التعرض للشعر، ولكنه كائن - فلا بد من التريث إلى إمكان الحلق - أي: أو التقصير - ولا يرد عليه إذا لم يكن له شعر؛ لأن النسك هو حلق ثم يشتمل الإحرام عليه، فإذا لم يكن على الرأس شعر في وقت الحلق، لم يتحقق ما ذكرناه.

[وما دكره] من الاتفاق على أنه ركن، فيه نظر؛ لأنا سنذكر عن الداركي عند الكلام في التحلل ما ينازع فيه، وهو مقتضى قول الشيخ: "وأفعال العمرة كلها أركان إلا الحلق"، فلو كان ركناً عنده على هذا القول، لم يستثنه لما عرفت أن هذا القول هو الصحيح عند الجمهور.

وأصرح من ذلك عَدَّه الحلقَ من الواجبات على أحد القولين.

[قال:] والثانى: أنه استباحة محظور - أي: فلا يثاب عليه - لقوله تعالى: ولا {وَلَا تَحْلِقُوا رُءُوسَكُمْ حَتَّى يَبْلُغَ الْهَدْيُ مَحِلَّهُ} [البقرة: 196]، فحظر الحلق، وجعل لحظره غاية، وهي التحلل، فلم يجز أن يكون نسكاً يقع به التحلل.

ولأن كل ما لو فعله قبل وقته، لزمته الفدية، [فإذا فعله بعد وقته، لزمته الفدية،] فإذا فعله في وقته، كان استباحة محظور؛ كالطيب، واللباس، وهذا ما قال في

طور بواسطة نورين ميديا © 2015