فإن قلنا: يؤذن لها، فالمغرب بمزدلفة عند الجميع أولى؛ لأنها في الحقيقة كالمؤداة في وقتها؛ لأن وقت العشاء جعل وقتاً لها.

وعلى كل حال إذا صلى العشاء، قال العجلي: أتي بعدها بنافلة المغرب، ثم بنافلة العشاء، والوتر، وهكذا يفعل الجامع في السفر.

وفي "الحاوي" و"تعليق" القاضي الحسين: أن الشافعي - رضي الله عنه - قال: ولا يسبِّح بينهما، ولا في إثر واحدة منهما، وهو ما حكيناه في الخبر، وأراد بذلك: أنه لا يتنفل بين صلاتي الجمع؛ لأن التنفل بينهما يقطع الجمع، ولا يتنفل قبل المغرب، ولا بعد العشاء؛ لأنه مأمور بالتأهب لمناسكه.

قال القاضي: ولو فعل كان جائزاً، لكنه غير مسنون.

قال: ويبيت بها - أي: يمكث بها نائماً أو مستيقظاً - إلى أن يطلع الفجر الثاني؛ لقول [جابر - كما رواه مسلم-:] "ثم اضطجع حتى طبع الفجر حين تبيَّن له الفجر بأذان وإقامة".

واعلم أن كلام الشيخ قد اشتمل على ما هو مستحب بلا خلاف، وهو المقام بها بعد نصف الليل إلى صلاة الصبح؛ كما يدل عليه كلامه الآتي من بعد، وهو في حق غير الضَّعَفَة، فأما الضعفة والنساء فالأولى في حقهم الدفع بعد نصف الليل إلى منى؛ روي عن ابن عباس - رضي الله عنهما - أنه قال: "بعثني رسول الله صلى الله عليه وسلم في النفل – أو قال: في الضعفة - من جَمْع بليل"، أخرجه مسلم.

وعلى ما هو نسك بلا خلاف، وهو المبيت إلى بعد نصف الليل، وليس بركن عندنا، خلافاً لأبي محمد وعبد الرحمن ابن بنت الشافعي، وأبي بكر بن خزيمة من أصحابنا، وهل هو واجب؟ فيه قولان ثابتان في الكتاب.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015