بالإفاضة ففيه القولان.

والثاني: نفي وجوب [الدم] والجزم الاستحباب مطلقاً.

والدم الواجب هنا، وكذا في ترك الميت بمزدلفة، وليالي منى، وطواف الوداع إن أوجبنا ذلك ما هو؟ [وفيه]، كلام سنذكره في باب فرض الحج والعمرة، إن شاء الله تعالى.

ثم ظاهر كلام الشيخ يقتضي أن الدم يجب هنا - على القول به - عاد إلى عرفة قبل طلوع الفجر أَوْ لا.

وقد جزم الماوردي وغيره بأنه إذا عاد قبل الغروب، وأقام إلى الغروب: أنه لا يلزمه الدم بلا خلاف.

وإن عاد بعد الغروب، فهل يسقط بهذا العود الدم؟ فيه وجهان:

المذكور في "الحاوي"، و"تعليق" أبي الطيب، والقاضي الحسين، و"الشامل": السقوط أيضاً؛ لأنه لو وقف بها ليلاً دون النهار، لم يجب؛ فأولى ألاَّ يجب إذا وقف ليلاً ونهاراً.

ووجه المنع: أن المقصود أن يتصل آخر النهار بأول الليل وهو كائن بعرفة.

ولا فرق في عدم وجوبه على من وقف ليلاً لا غير بين أن يكون لم يدرك الوقوف نهاراً، أو أدركه ولم يفعله ووقف ليلاً، وإن كان لا يجوز له تأخير الوقوف إلى الليل؛ كما قاله ابن الصباغ عند الكلام في الرمي في أيام التشريق.

قال: ثم يدفع بعد الغروب إلى المزدلفة على طريق المأزِمَيْنِ؛ لآن النبي صلى الله عليه وسلم فعل ذلك، فلو سلك الطريق الآخر جاز.

وقد قيل: إن النبي صلى الله عليه وسلم سلكه حين غدا من منى إلى عرفات.

قال عطاء: وهي طريق موسى، عليه السلام.

والمزدلفة سميت بمزدلفة؛ من التزلف والازدلاف، وهو التقريب؛ لأن الحجاج إذا أفاضوا من عرفات ازدلفوا إليها، أي: تقربوا ومضوا إليها؛ قاله الأزهري، ومنه قوله تعالى: {وَأُزْلِفَتِ الْجَنَّةُ لِلْمُتَّقِينَ} [الشعراء: 90]، أي: قربت.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015