تنبيه: قوله: "وهزم الأحزاب وحده"، أي: الطوائف التي تحزبت على رسول الله صلى الله عليه وسلم، وحصروا المدينة.
ومعنى "وحده": أي: هزمهم بغير قتال منكم، بل أرسل عليهم ريحاً وجنوداً؛ قال: الله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ جَاءَتْكُمْ جُنُودٌ فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ رِيحًا وَجُنُودًا لَمْ تَرَوْهَا} إلى قوله: {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْوَاجِكَ} الآية [الأحزاب: 9، 59].
قال: ثم ينزل من الصفا، ويمشي حتى يكون بينه [وبين] الميل الأخضر المعلق بفناء المسجد [نحو ستة أذرع؛ فيسعى سعياً شديداً حتى يحاذي الميلين الأخضرين اللذين بفناء المسجد] وحذاء دار العباس، ثم بمشي حتى يصعد المروة، ويفعل مثل ما فعل على الصفا؛ لأنه صلى الله عليه وسلم لما نزل إلى المروة مشى حتى إذا انتصبت قدماه في بطن الوادي سعى، حتى إذا صعد مشى حنى أتى المروة، ففعل على المروة كما فعل على الصفا، حتى إذا كان آخر طواف [على] المروة، قال: "لو استقبلت من أمري ما استدبرت، لم أسق الهدي، وجعلتها عمرة، فمن كان ليس معه هدي، فليحل، وليجعلها عمرة" رواه مسلم عن جابر.
وكذا أخرجه أبو داود عنه، ولفظه: "حتى إذا انتصبت قدماء، رمل في بطن الوادي، حتى إذا صعد مشى ... " وأتم الحديث.
وقد روي عن حبيبة بنت أبي تجراة أنها قالت: دخلت دار أبي الحسين مع نسوة من قريش؛ لأنظر كيف يسعى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فرأيته، وأراه يدور على ساقه من شدة العدو، وهو يقول: "رأيها الناس: إن الله كتب عليكم السعي فاسعوا".
واعلم أن السعي الشديد في بطن الوادي من مستحبات السعي، فلو تركه ومشى