وتجوز في الآخر؛ لأن كل عبادة جازت النيابة [في فرضها جازت] في نفلها, كالصدقة, وهذا ما صححه البغوي, وتبعه الرافعي, ثم النواوي.
وقال الإمام في كتاب الوصية: إنه الأصح في الفتوى.
قال ابن الصباغ: وما ذكرناه للأول ينكسر بالتيمم؛ فإنه يجوز للفرض عند الحاجة إليه, ويجوز للنفل أيضًا.
فإن قلت: القاضي الحسين قد قال هنا: إن الخلاف في جواز هذا كالخلاف في جواز التيمم للنافلة [-أيضًا- فلا كسر].
قلت: الكسر متوجه على من اختار عدم الصحة هاهنا, وجزم بجواز التيمم للنافلة أو صححه.
والقولان يجريان في صحة الوصية بحج التطوع, وفي حج الوارث أو الأجنبي عمن مات ولم يجب عليه الحج؛ لفقد الاستطاعة.
ومنهم من قطع في الأخيرة بالصحة؛ لأنه يقع عن الواجب فيها؛ ولهذا لو تكلف ذلك في حال الحياة, وقع [ذلك] عن فرضه, بخلاف التطوع.
والعمرة فيما ذكرناه كالحج.
ثم حيث قلنا بعدم صحة ذلك, فاستاجر إنسانًا لفعله, وفعله, وقع على نفسه, وهل يستحق ألأجرة؟ أطلق في "المهذب" حكاية وجهين فيه.
وفي "الشامل" و"تعليق" القاضي أبي الطيب حكايتهما قولين, أصحهما عند أبي الطيب والبغوي: المنع, وعند المحاملي [و] غيره: الاستحقاق؛ لأنه دخل في العقد طامعًا في الأجرة, وتلفت منفعته وإن لم ينتفع بها المستأجر, فصار كما لو استؤجر لحمل طعام مغصوب, فحمله.
وإذا قلنا: يستحقها, فهل [أجرة] المسمى أو أجرة المثل؟ يشبه أن يجئ فيه الوجهان السابقان.
وقد رأيت في "المهذب" و"الشامل" الثاني لا غير.