كانوا يطيقونه؟ ينظر: فإن كانوا كفارًا, استحب؛ لينالوا ثواب الحج والجهاد جميعًا. وإن كانوا مسلمين, لم يستحب.
ولو كان في الطريق من يخاف منه –على ما ذكرناه- الواحد والنفر القليل, دون الجمع الكثير الذي جرت العادة بخروج مثله من كل بلد –لم يمنع ذلك الوجوب.
وقال في "الحاوي": إن كانوا كفارًا, لم يستحب, وإن كانوا مسلمين استحب على كل حال.
وإذا خلا طريق [دون طريق] عن الخوف المذكور, وجب الحج سواء كان المشتمل على الخوف في المسافة كالطريق الآمن, أو أقرب منه؛ كما قاله الجمهور.
وفي "التتمة" وجه: أنه لا يلزمه إذا كان الآمن هو الأبعد؛ كما لو احتاج إلى بذل مؤنة زائدة في ذلك الطريق.
ثم بما ذكرناه من تفسير الأمن يخرج وجوب الحج على من ليس له طريق إلا في البحر وكان مخوفًا أما في نفسه أو لطرآن الأمواج فيه, ويغلب فيه الهلاك, ووجوبه عليه إذا كان الغالب فيه السلامة, لكن الذي نص عليه الشافعي –رضي الله عنه- في "الأم": أنه لم يجب الحج إذا لم يكن له طريق إلا البحر.
ونص في موضع آخر –كما قاله أبو الطيب [وغيره-: أنه يجب.
وقال في "المختصر"]: ولا يبين لي أن أوجب عليه ركوب البحر.
[وقال في "الإملاء": ولا يبين لي أن أوجب] عليه ركوب البحر إلا أن يكون [أكثر] عيشه في البحر.
واختلف الأصحاب –لأجل ذلك-[في المسألة] على طرق, ملخصها: [أن في المسألة أربعة أقوال:
أحدها: وجوبه مطلقًا, فمنهم من قطع به؛ [للظواهر المطلقة في الحج.