ووجه تقديم التزويج: أن الشرع لما جوّز له نكاح الأمة مع ما فيه من استرقاق الولد, [أشعر] بأن مجاوزة العنت مهم.

ثم قال: فإذا لا استطاعة ولا وجوب, وهذا الذي ذكروه قاطعين به قياس طريقنا وإن [لم] نجده منصوصًا فيها.

ثم قال [الرافعي]: لكن كثيرًا من العراقيين وغيرهم قالوا: يجب الحج على من أراد التزويج, لكن له أن يؤخره؛ لوجوبه على التراخي, ثم إن لم يخف العنت فتقديم الحج أفضل, وإن خافه فتقديم النكاح أولى.

قلت: وهذه عبارة صاحب "الشامل" و"التتمة" و"البحر".

وقال الشيخ أبو حامد وتبعه البندنيجي: إنه لا نص في ذلك. وهذا مذهب الأوزاعي, وهو الذي يقتضيه قياس مذهبنا.

والقاضي أبو الطيب قال: إذا خاف على نفسه العنت تزوج, وكان الحج واجبًا في ذمته.

قال: وقضاء دين إن كان عليه؛ لأنه إن كان حالًا, وجب قضاؤه على الفور مع كونه حق آدمي فكان مقدمًا على ما وجوبه على التراخي, وهو حق لله تعالى المبني على المساهلة والمسامحة. وإن كان مؤجلًا؛ فلأن بقاءه في ذمته عليه فيه ضرر عظيم؛ لأن نفسه مرتهنة [به].

وفي "الحاوي" حكاية وجه في المؤجل: إن كان يحل [وهو في عرفة, وجب الحج, وإن كان يحل] قبلها [فلا].

واعلم أن الأصحاب مصرحون بأنه يشترط أن يكون ما يصرفه في الحج والعمرة فاضلًا عما يحتاج إليه من نفقة من تلزمه نفقته وكسوته في مدة ذهابه ورجوعه؛ لتأكد ذلك؛ فإنه يجب في الحال مضيقًا وفي الكسب مع كونه حق آدمي, بخلاف الحج, ولم يصرح به الشيخ. نعم, في كلامه ما يمكن أخذه منه؛ لأنه صرح باشتراط فضلة ذلك

طور بواسطة نورين ميديا © 2015