واحترز بقوله: "لأجل الصوم" عن الزاني ناسيًّا: إذا قلنا]: يفطر [به] وعمن أكل ناسياً، وظن أنه قد أفطر؛ فجامع عامداً، يلزمه القضاء، ولا كفارة.

وإنما قلنا: إن لفظة "آثم" أخرجت هذه الصورة؛ لأن النسيان لو كان مفطراً، لما أباح الإقدام على الوطء. نعم، لو جهل أيضاً- أنه لا يحرم عليه تعاطي المفطرات في نهار رمضان بعد الفطر فيه، يخرج بلفظة "آثم".

فإن قلت: إذا لم يهل تحريم تعاطي المفطرات بعد الفطر في نهار رمضان؛ فهو آثم؛ لأجل الصوم؛ فهو مندرج تحت قوله، ويؤيده ما ذكرناه عن القاضي أبي الطيب من إيجاب الكفارة عليه.

قلت: إثمه ليس لأجل الصوم بل لأجل وقت الصوم ولهذا إن من أفطر بالأكل عامداً، ثم جامع لا كفارة عليه وإن كان آثماً لأجل الوقت بوطئه، والله أعلم.

وقد اقتضى كلام الشيخ أمرين:

أحدهما: أن ما ذكره من الأحكام عند الفطر بالجماع جار في كل يوم؛ حتى لو تكرر ذلك منه في أيام وجب عليه قضاؤها، ويعددها كفارات، وهو ما نص عليه في "مختصر" البويطي، حيث قال: "لو جامع في كل يوم من رمضان، وجب عليه ثلاثون كفارة".

قال الأصحاب: وسواء في ذلك [ما إذا لم يكن قد كفر عن اليوم الأول] قبل أن يجامع فيما بعده أو لا؛ لأن كل يوم من رمضان عبادة مستقلة بنفسه؛ فوجب بإفساده بالجماع الكفارة كاليوم الأول وبهذا فارق ما إذا تكرر منه الجماع [في الحج؛ لأن الحج عبادة واحدة. نعم، لو تكرر منه الجماع] في اليوم الواحد في زوجة واحدة، لا يلزمه إلا كفارة واحدة؛ لأن الصوم [قد] زال بالفعل الأول؛ ويدل على هذا من كلام الشيخ جعله وجوب القضاء والكفارة مسبباً عن الوطء، والوطء الثاني في اليوم الواحد، لا يوجب قضاء آخر؛ فكذلك لا يوجب كفارة أخرى، ويخالف ما

طور بواسطة نورين ميديا © 2015