إنه الأقيس عند أئمة المذهب؛ فإنه لا حجة في قصة الأعرابي على عدم إيجاب القضاء عليها؛ فإنه – عليه السلام – يجوز أن يكون قد علم أنها مكرهة، أو [كانت] نائمة؛ فلذلك لم يأمرها بالكفارة، ولفظة "أهلكت" قد قال الخطابي: إنها غير موجودة في شيء من رواية هذا الحديث، وأصحاب سفيان راوي الحديث لم يرووها عنه وإن كان بعض أصحابنا حدثني: أن معلى بن منصور روى هذا الحديث عن سفيان، وذكر هذا الحرف فيه، وهو غير محفوظ، والمعلى ليس بذاك في الحفظ.
وقال البيهقي: وقوله: "أهلكت" ليس بمحفوظ. ونقل عن شيخه الحافظ أبي عبد الله تضعيف هذه اللفظة.
قلت: ولو صحت كان احتمال كونها مكرهة أظهر؛ لأنه نسب إهلاكها إليه، ولا يكون منسوباً إليه إلا إذا كانت مكرهة؛ فإنها لو كانت مطاوعة لكانت هي المهلكة لنفسها، لا هو، ولايجوز أن يحمل على أنه السبب في إهلاكها نفسها؛ إذ كل منهما متسبب في إهلاك الآخر. نعم، يكون في هذا الخبر دليل على أن المكره على الوطء يفطر كما هو أحد القولين لنا، ولا يجب عليه الكفارة وإن كان فطره بالجماع.
والذي اقتضاه إيراده في "الوسيط" ترجيح القول المنسوب لنصه في عامة كتبه؛ موجهاً له بأنها أفطرت قبل الجماع بوصول أول جزء من الحشفة إلى باطنها ولقصة الأعرابي. وأراد بذلك الاستدلال على القولين المذكورين فيمن المراد بهذا القول، هل أنه لا يلاقيها الوجوب أصلاً أو يلاقيها ويتحملها الزوج عنها؟ فقوله: "لأنها أفطرت" ساقه لتوجيه القول بأن الوجوب لا يلاقيها أصلاً، وهذه العلة هي التي حكاها الإمام في كتاب أجل العنين عن أبي طاهر الزيادي، وأن القاضي وافقه في القطع بفطرها قبل غيبوبة الحشفة، وقال: إنه لا ينقدح عندنا غير ذلك؛ لأنه لو فرض إيصال أصبع إلى وراء ملتقى الشفرين على قدر نصف الحشفة، لكان مفطراً.
قال: وكان شيخي يقطع بأن [فطر] المرأة يحصل بتغييب الحشفة، ولا يقيم لما