ثم إذا قلنا بالفطر، فهل تجب الكفارة؟ فيه وجهان حكاهما القاضي الحسين وغيره، وأصلهما في "التتمة": الوجوب، وعلى مقابله – وهو الظاهر في "الوسيط" والرافعي – فالفرق بينه وبين الحج المقيس عليه الأصل من وجهين، ذكرهما القاضي الحسين وغيره:
أحدهما: أن الحاج معه علامة كونه حاجًّا؛ فيكون في نسيانه مفرطاً، وعلامة الصائم لا تظهر؛ فلا يكون مفرطاً كل التفريط.
والثاني- وهو المشهور-: أن الجماع في الحج دائر بين الاستمتاع والاستهلاك، ولا يفرق فيهما بين [العامد والساهي]، [ومحظورات الصوم لا يستوي فيها العامد والساهي]؛ ولهذين الفرقين كان الصحيح عدم الفطر [أيضاً] كما ذكره الشيخ.
وكذا مقتضى كلام الشيخ: أنه لا رق فيمن فعل به شيء من ذلك مكرهاً بين أن يكون قد فعل لمصلحته أو لا لمصلحته؛ كما إذا أغمي عليه، وقلنا: لا يبطل صومه، فأوجر في فيه دواء، وهو الأصح في "التهذيب" وغيره.
وفي الحالة الثانية وجه أو قول: أنه يفطر [به]، كما سيأتي مثله في لزوم الفدية له إذا طيب لمصلحته وهو محرم.
قال: وإن أكره حتى فعل بنفسه، ففيه قولان:
أصحهما: [أنه] لا يبطل؛ لما ذكرناه.
ومقابله: أنه يبطل؛ لأنه حصل بفعله مع علمه بالحال؛ لدفع الضرر عن نفسه؛ فبطل كما لو فعله لدفع المرض وشدة الجوع والحر فدل على عدم المأثم، ولا يلزم من نفيه عدم إيجاب القضاء، ولولا الخبر الآخر في حق الناسي، لما حكمنا بصحة صومه، وهذا ما صححه في "الوجيز"؛ كما قاله الرافعي.