وقال في القديم كما قال أبو حامد وكذا [في] "البويطي" كما قال البندنيجي: إذا جن في أثناء النهار، كان كما لو أغمي عليه؛ فيتخرج على الأقوال. وهذا ما اقتضى كلام البندنيجي ترجيحه؛ حيث قال: والمذهب أنه لا فرق بين الإغماء والجنون إلا في فصل، وهو أن الجنون إذا استدام الشهر كله يسقط القضاء، ولو كان مكانه إغماء لا يسقط القضاء.

والمذهب في "التهذيب" ماذكره الشيخ، ولم يورد الماوردي غيره، وهو مفرع إلى المذهب في أنه إذا لم يفق إلا بعد مضي رمضان أو بعضه، لا يجب قضاؤه كما تقدم.

فرع: لو طرأ الجنون بعد ردة أو سكر، هل يسقط القضاء؟ فيه وجهان عن رواية الحناطي قال الرافعي: ولعل الأظهر الفرق بين اتصاله بالردة واتصاله بالسكر؛ كما في الصلاة.

[فرع] آخر: الموت هل يلحق بالجنون في إبطال الصوم؟ فيه وجهان في "تعليق" القاضي أبي الطيب في كتاب الجنائز، وأن القائل بعدم الإبطال تمسك بما روي أنه – عليه السلام – قال لعثمان: "أنت تفطر عندنا الليلة".

قال: وإن أغمى عليه جميع النهار –أي: وكان قد نوى الصوم من الليل – لم يصح صومه؛ لأن الصوم نية وترك، ولو انفرد الترك عن النية، لم يصح؛ فكذلك إذا انفردت النية عن الترك.

قال: وعليه القضاء؛ لأن الإغماء مرض؛ ولذلك يجوز طروءه على الأنبياء، وإذا كان كذلك اندرج تحت قوله تعالى: {فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ} [البقرة: 185].

وقيل: لا قضاء عليه؛ كالمجنون؛ حكاه البغوي عن ابن سريج؛ وهذا يظهر أن يكون قاله تخريجاً على المذهب في أن المجنون لا قضاء عليه، وإلا فمذهب ابن

طور بواسطة نورين ميديا © 2015