وهو الخروج من خلاف أبي حنيفة؛ فإنه لا يجز الفطر فيه كالقصر، وبهذا ينتفي وهم من قد يتوهم أن كلام الشيخ يعود إلى هذه الصورة؛ لأنه أناط الجواز والأفضلية في الصوم بالسفر الذي تقصر فيه الصلاة، وهو أربعة برد كما تقدم.

وقد احترز الشيخ بقوله: "قبل الفجر" عما إذا سافر بعد الفجر، وقد نوى الصوم [في الليل فنه يلزمه إتمام الصوم] كما لو تحرم بالصلاة في الحضر، ثم سافر.

وعن المزني: أنه بالخيار: إن شاء أتم، وإن شاء أفطر؛ لفطره – عليه السلام – حيث بلغ كراع الغميم وقد خرج إلى مكة، كما تقدم.

وفي "التتمة" نسبة هذا القول إلى أبي إسحاق المروزي، وهو اختيار ابن المنذر؛ كما قاله ابن التلمساني، وزعم الموفق بن طاهر: أنه قاله ابن خيران؛ ولأجل ذلك حكى الحناطي طريقاً: أن المسألة على وجهين، والمذهب الأول.

قال البندنيجي: وقد حكى عن المزني: أنه رجع عن هذا وخط عليه في "المنثور"، وقال: "يلزمه الإتمام"؛ لأنه كان يظن أن صومه – عليه السلام – وفطره كان في يوم واحد، وليس كذلك؛ فإن بين المدينة وكراع الغميم مراحل، هي ثمانية أيام، كما قال الإمام.

وفي "الرافعي": [أنه إنما رجع عن الاستدلال بالحديث، لا عن مذهبه.

ويقر منه قول الإمام]: إنه يأتي في بعض النسخ استدلاله بالحديث مخطوطاً عليه.

قال: وإذا خافت الحامل والمرضع على أنفسهما، أي: ضرراً بينًّا من الصوم، مثل: الضرر الذي ينشأ للمريض من الصوم – كما قال البندنيجي – أفطرتا، وعليهما القضاء بالقياس على المريض، ولا يجب عليهما الفدية، وهو مما لا يختلف المذهب فيه، كما قال أبو الطيب.

ولا فرق بين أن يتضرر الولد معهما أو لا، كما قاله القاضي الحسين.

قال: وإن خافتا على ولديهما – أي: مثل أن خافت الحامل أن يسقط الحمل، أو المرضع أن يقل اللبن، فيهلك الولد أيضاً أفطرتا، لقوله – عليه السلام -: "إن الله

طور بواسطة نورين ميديا © 2015