يترخص برخصة المسافر؛ كما لو دخل في الصلاة بنية الإتمام، ثم أراد أن يقصر.

وقد أبدى الإمام هذا الاحتمال – أيضاً – لنفسه، وحكاه القاضي الحسين في [باب] صوم التطوع وجهاً للأصحاب.

وقال الإمام: إنه لا ينفعه إلحاق السفر بالمرض؛ فإن المريض إذا أصبح صائماً، ثم عنَّ له الفطر، جاز؛ لأنا لو جرينا على هذا التشبيه، للزم أن يقال: من أصبح صائماً مقيماً، ثم سافر، يجوز له أن يفطر؛ كما لو كان صحيحاً في أول النهار ثم مرض، وهذا لا يجوز.

قلت: الدافع له رواية جابر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم خرج إلى مكة عام الفتح في رمضان حتى بلغ كراع الغميم فصام وصام الناس معه، فقيل له: إن الناس قد شق عليهم الصيام، فدعا بقدح من ماء بعد العصر، فشرب والناس ينظرون. كذا أورده في التتمة، وقال: إن مسلماً رواه في صحيحه.

والفرق بين ما نحن فيه على المذهب وبين الإتمام إذا قدم من السفر: ما قاله الماوردي: إن الفطر يضمن بالقضاء وعذر الإفطار قائم بدوام السفر، وليس كذلك القصر؛ لأنه لا يضمن بالقضاء، وقد ضمنه بالإتمام عن نفسه؛ ولهذا المعنى فصل بينهما.

والقاضي الحسين فرق بأنه مخاطب مأمور بأصل الصلاة في سفره، إلا أنه رخص له في القصر، فإذا شرع فيه فقد أعرض عن الرخصة؛ فلزمه الإتمام، ولا كذلك الصوم، فإنه يباح له أن يخلي الوقت عن الصوم أصلاً؛ فجاز أن يخرج عنه بعد الشروع فيه؛ وعلى هذا هل [يكره له] الفطر؟ روى عن القاضي الحسين حكاية وجهين فيه.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015