تسحر للصوم، أو شرب لدفع العطش نهاراً، أو امتنع من الأكل والشرب والنكاح؛ مخافة الفجر – كان ذلك نية للصوم.
قال: وهذا هو الحق إن خطر بباله الصوم بالصفات التي شرط التعرض لها؛ لأنه إذا تسحر ليصوم كذا، فقد قصده.
قال: ومن مرض، فخاف الضرر –أي: إن صام- جاز له أن يفطر، وعليه القضاء – أي: إذا برئ، وتمكن منه – لقوله تعالى: {فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمْ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ وَمَنْ كَانَ مَرِيضاً أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ} [البقرة: 185] تقديرها: فأفطر فعدة من أيام أخر، ومثل هذا الإضمار ملحق [بلحن] القول، وهو ما يفهم من سياق القول، وإن لم يصرح به؛ قال الله تعالى: {وَلَتَعْرِفَنَّهُمْ فِي لَحْنِ الْقَوْلِ} [محمد:30]، وأعاد الله – تعالى- هذه الآية وإن كان قد ذكرها من قبل بلفظ الفاء؛ ليعلم أن هذا الحكم ثابت بعد النسخ، فإن هذه الآية نسخت ما قبلها كما تقدم.
ولا فرق في جواز الفطر لأجل المرض بين أن يكون قد طرأ قبل الفجر أو بعده، بخلاف ما سنذكره في السفر. نعم، إن كانت عادة المرض أن يأتيه في وقت دون وقت، فإن كان وقت الشروع فيه، فله ترك النية، وإلا فعليه أن ينوي من الليل، ثم إن عاد واحتاج إلى الإفطار، أفطر، ولا يجب عليه مع القضاء فدية إن كان فطره بغير الجماع، سواء قصد بفطره الترخص وقد نوى من الليل الصوم، أو لم يقصده.
وفي تعليق القاضي الحسين وغيره: أنه إن نوى بفطره الترخص فلا فدية عليه، وإن لم ينو الترخص [فيه وجهان] ينبنيان على أن الصحيح إذا أفطر متعمداً، هل تلزمه الفدية؟ وفيه وجهان:
إن قلنا هناك: لا تلزمه، فهاهنا أولى.
وإن قلنا هناك: لا تلزمهن فهاهنا وجهان.
والفرق: أنه هاهنا معذور، بخلاف ثم.
وأما إذا كان فطره بالجماع، وقد نوى الصوم من الليل، فيظهر أن يكون الحكم فيه