ووجه صحته بنية قبل الزوال: ما روى مسلم عن عائشة قالت: دخل عليَّ النبي صلى الله عليه وسلم ذات يوم، فقال: "هل عندكم شيء؟ " فقلنا: لا، قال: "فإني إذاً صائم". ثم أتانا يوماً آخر، فقلنا: يا رسول الله، أهدي لنا حيس، فقال: "أرينيه؛ فلقد أصبحت صائماً"، ثم أكل.
وروى – أيضاً – عن الربيع بنت معوذ أن عفراء قالت: أرسل رسول الله صلى الله عليه وسلم غداة عاشوراء إلى قرى الأنصار التي حول المدينة: "من كان أصبح صائماًن فليتم صومه، ومن كان أصبح مفطراً، فليتم بقية يومه".
ومعلوم أن يوم عاشوراء كان نافلة؛ فإنه لم يأمر من أفطر بالقضاء مع شدة حاجتهم إلى بيان الحكم فيه أن لو كان واجباً، وقد أمرهم بصومه نهاراً.
وقد [جاء في] حديث عائشة أنه قال: "هل عندكم من غداءٍ؟ "؛ والغداء – كما قال أبو الطيب -: اسم لما يؤكل قبل الزوال، والمأكول بعد الزوال يسمى: عشاء.
ووجه عدم صحته بنية بعد الزوال: التمسك بحديث حفصة، وما قبل الزوال خرج بما ذكرناه.
ولأنه لو جاز بنية بعد الزوال لخلا معظم العبادة عن النية، بخلاف ما قبله.
وقد حكى الإمام عن شيخه تردداً مع التفريع على هذا القول فيما إذا وقعت نيته.