قلنا: إنما أراد النبي صلى الله عليه وسلم تبييت الصيام في كل ليلة، ولو كان قصده ما قالوه، لم يجز لأحد أن يفرد لكل يوم نية من الليل، وللزمه أن ينوي في أول ليلة صوم جميع الشهر، ولما أجمعنا على أن إفراد كل يوم بنيته جائز؛ دل على أن ما ذكرناه هوا لمقصود بالخبر، وحينئذ فمقتضاه: أنه لو نوى صوم أيام الشهر في أول ليلة منه، لا يصح له [إلا صومي اليوم الأول، وقد حكى الإمام عن شيخه تردداً فيه، وقال: إنه فيه إشكال واحتمال.
قال الرافعي: وقد رأيت ابن عبدان أجاب بصحته، وهو الأظهر.
ولأن صوم كل يوم عبادة منفردة؛ لأنه [لا] يفسد بفساد ما قبله، ولا بفساد ما بعده؛ فأشبه صلوات اليوم؛ وبهذا يظهر الفرق [بين] صوم أيام رمضان وركعات الصلاة وأركان الحج، على أن في اشتراط النية في كل ركن من أركان الحج عند الإتيان به خلافاً ستعرفه في موضعه.
وقيل: تصح نيته مع الفجر؛ لأن النية اقترنت بأول العبادة؛ فوجب أن تصح كسائر العبادات، والحديث فقد قال أبو داود: إنه وقفه على حفصة معمر والزبيدي وابن عيينة وغيرهم، وقال الترمذي: [لا نعرفه] مرفوعاً إلاَّ من هذا الوجه. وإن كان كذلك؛ فلا حجة فيه حتى يقال: إن هذا قياس في مقابلة النص؛ وهذا وجه حكاه القاضيان: أبو الطيب، والحسين، وبه أجاب ابن عبدان.
وقيل في النذر المطلق: إنه يجوز نيته من النهار؛ بناء على أن النذر يسلك به مسلك جائز الشرع؛ حكاه القاضي الحسين والمتولي وغيرهما.
والمنصوص عليه – وهو الصحيح باتفاق الأصحاب – الأول، ولم يذكر