قلت: وفي هذا نظر؛ لأن النفقة تختلف قيمتها باختلاف [الأماكن وبالقرب والبعد، كما تختلف باختلاف] الزمان حراً وبرداً؛ فما ذكره متجه إذا تساوت قيمة ذلك موضع مقامه على القتال [وموضع مقامه في غيره، أما إذا كانت قيمة ذلك موضع مقامه على القتال] أكثر- وهو الغالب – فينبغي أن يعطى القدر الزائد على هذا القول أيضاً.
ثم على الوجهين: القياس يقتضي أن [لا] يعطي نفقة [أهله حيث يعطى] نفقة نفسه، [وقد سكت] عنه المعظم، وعن بعض شروح "المفتاح": أنه يأخذ نفقته ونفقة عياله ذهاباً ومقاماً ورجوعاً. قال الرافعي: وذلك غير بعيد؛ لأننا ننظر في استطاعة الحاج إلى قدرته على ذلكن ولا اتجاه له على قولنا: لا يعطى إلا ما زاد على نفقة المقام.
وحكم الكسوة فيما ذكرناه حكم النفقة.
ثم المراد بما يعطاه من السلاح وغيره: قيمة ذلك لا عينه، كما قاله البندنيجي وغيره من العراقيين؛ حيث قالوا: لا يعطيهم الإمام بهيمة من خيل ولا بغل ولا حمار ولا سلاح؛ لأن ذلك لا يؤدَّى من الزكاة، ولا يجوز أن يشتري لهم ذلك من مال الصدقات، وإنما يعطي لهم مالا يشتري به الغازي ذلك لنفسه، وهذا [ما] حكاه الرافعي وجهاً عن رواية الحناطي، وقال القاضي أبو الطيب: عندي: [أنه] إذا استأذنه الإمام في شراء الفرس والسلاح، [و] اشتراه له من غير أن يدفع إليه حقه –جاز؛ لأن الإمام وكيل لمستحقي الصدقات، فإذا قبض فكأنهم قد قبضوا؛ فإذا أذنوا له في شراء ذلك مما قبض جاز.
وأطلق المراوزة القول بأن للإمام أن يشتري ذلك ويدفعه إليه عارية، أو يملكه إياه إذا رأى ذلك، وله أن يستأجر ذلك ويدفعه إليه [أو يستعيره]، وله أن يشتري ذلك