قلت: لا؛ لأن الميت لو كان قد قبض لم يتم ملكه على ما قبضه، ويسترجع منه في حال – كما تقدم- بخلاف الفقير فإن ملكه بعد القبض مستقر؛ فجاز أن يثبت قبل القبض، والله أعلم.
قال: وضرب غرم لنفسه، أي: لمصلحة نفسه في [غير معصية]، مثل: أن استقرض مالاً ليحج به أو ليتصدق أو لينفقه على نفسه وعياله من غير إسراف- فيدفع إليه مع الحاجة ما يقضي به الدين؛ للآية، وما المراد بالحاجة هنا؟
قال الرافعي: الذي تقتضيه عبارة أكثرهم: كونه فقيراً لا يملك شيئاً، وربما صرحوا به.
قلت: والتصريح به منسوب في "النهاية" إلى المراوزة وأنهم قطعوا به؛ حيث قال: إنهم قالوا: يشترط في وفاء ما يستلزمه الإنسان بسبب خاصة نفسه الفقر عن كل ما يتصور صرفه إلى الدين.
قال الرافعي: وفي بعض شروح "المفتاح" أنه لا يعتبر المسكن والملبس والفراش والآنية، وكذلك الخادم والمركب إذا اقتضاهما حاله، بل يقضي دينه وإن ملك ذلك.
ويقرب منه قول بعض المتأخرين: إنا لا نعتبر الفقر والمسكنة هاهنا، بل لو ملك قدر كفايته ولو قضى دينه لنقص ماله عما يكفيه، فيقضي من دينه قدر ما ينقص عن الكفاية، والمقصود: أنه يترك معه ما يكفيه ولا يدخل في الإعسار.
وقد أبدى الإمام على ما حكاه عن المراوزة مباحثة في المسألة، فقال: في صرف دين من لا مال له نظر للقيه؛ فإن الغارم إذا كان لا يملك شيئاً، فلا يكون مطالباً من جهة غريمه، والصدقة إنما تصرف [لشدة حاجة أو كفاية أدنى، ومستحق الدين يستغني بتحصيل دين له على معسر] جبراً لخلته، فما معنى اشتراط الإعسار في قضاء الدين؟ وهذا مقام يعسر إدراكه على غير الفقيه، فنقول: لا يمتنع أن