منهم، وأن في تأليفه مصلحة للمسلمين، كذا قاله [القاضي] أبو الطيب وغيره، وقال القاضي الحسين: إنه لايحتاج إلى بينة ولا يمين إذا ادَّعى ضعف الإسلام في قلبه، ويعطي؛ لأنه لا يقول ذلك إلا وهو ضعيف الإسلام.
وقد حكى أبو الفرج هذا عن صاحب "التلخيص"، وذكر أن من الأصحاب من أطلق الجواب بأنه يطالبه بالبينة، كما ذكرناه.
قال: والخامس: الرقاب؛ لقوله تعالى: {وَفِي الرِّقَابِ} [التوبة: 60].
قال: وهم المكاتبون؛ لأن قوله: {وَفِي الرِّقَابِ} يقتضي أن تصرف الصدقة إلى الرقاب، [كما أن قوله تعالى: {وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ} [التوبة: 60]، يقتضي الصرف إلى المجاهدين ويملكونها، وإنما يصح الصرف إلى الرقاب] أنفسها إذا حملت على المكاتبين أو غيرهم من الأرقاء الذين لا يملكون.
فإن قيل: "الرقاب" جمع "رقبة"، و"الرقبة" حيث أطلقت في كتاب الله أريد بها غير المكاتب من الرقيق؛ فكان الظاهر من الآية أن يشتري بالثمن من يبتدأ عتقه.
فجوابه: أن اسم "الرقاب" يقع على العبيد والمكاتبين، وحملنا مطلق "الرقبة" في الكفارة على غير المكاتب؛ لأنه قد اقترن بها ما يدل على ذلك وهو قوله: {فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ} [المجادلة: 3]، وهنا دلت القرينة على أن المراد ما ذكرناه؛ لأن كل من أخرج صدقة لم يجز أن تعود إليه منفعتها، يدل عليه أنه لا يجوز أن يصرف صدقته لقريبه الفقير الذي تجب عليه نفقته، وإذا كان كذلك فلو قلنا هنا: إنه يشتري بالثمن رقاباً ويبتدئ عتقهم، لكانت منفعته عائدة إليه؛ لأنه يثبت له عليه الولاء ولا يرد على ذلك جواز صرفها [لمعسر] له عليه دين، وإن كان يقضيه دينه [منه] ومنفعته تعود إليه؛ لأن دينه لم يتجدد، فإذا قبض منه رجع إليه المال من وجه آخر، وليس كذلك هاهنا؛ لأن الولاء إنما يثبت بالعتق؛ فالمنفعة تعود إليه بذلك المعنى، والله أعلم.
قال: فيدفع إليهم ما يؤدون في الكتابة عن لم يكن معهم ما يؤدون؛ لأن حاجتهم