السائل لم ينفه – عليه السلام – [ونفي رسول الله صلى الله عليه وسلم] اسم المسكنة عنه؛ لأنه بمسألته تأتيه الكفاية، وقد تأتيه زيادة عليها؛ فسقط اسم المسكنة.

والأكلة في الحديث: بالضم، وهي اللقمة، وهي بالفتح: المرة الواحدة مع الاستيفاء.

والذي عليه أكثر الأصحاب: أن المسألة ليست على قولين، بل على قول واحد وهو الأول، وقول الشافعي – رحمه الله -:"إن المسكين هو السائل"، أراد به أن الغالب ممن يسأل أنه يجد شيئاً.

وإذ [قد] عرفت حد [الفقير والمسكين] عرفت أن الفقير عند الشافعي – رحمه الله –أشد حالاً من المسكين، وعكسه أبو إسحاق المروزي فقال: المسكين أشد حالاً من الفقير، وبه قال الفراء والقتبي؛ لقوله تعالى: {أَوْ مِسْكِيناً ذَا مَتْرَبَةٍ} [البلد: 16] أي: ألصق جلده بالتراب للعجز وغير ذلك، وحجة الشافعي – رحمه الله – قوله تعالى: {أَمَّا السَّفِينَةُ فَكَانَتْ لِمَسَاكِينَ يَعْمَلُونَ فِي الْبَحْرِ} [الكهف: 79] فأثبت لهم ملكاً، وبدأ الله تعالى – في الآية بالفقراء، وعادة العرب البدأة بالأهم فالأهم؛ ولأن "الفقر" مشتق مما ذكرناه، و"المسكنة" مشتقة من التمسكن" وهو الخضوع، أو من "السكون"؛ لأن له شيئاً يسكن إليه، [وأيَّاً ما] كان فهو أخف حالاً من الأول.

قال الأصحاب: والخلاف المذكور لا تظهر له فائدة في الزكاة؛ فإنه لابد من إعطاء الصنفين، وإنما يظهر فيما إذا أوصى للفقراء [بمائة وللمساكين بخمسين، أو بالعكس، أو أوصى للفقراء] دون المساكين، أو بالعكس، أو نذر التصدق على الفقراء دون المساكين، أو بالعكس، [أو وقف على نحو ذلك]، وألا فهو لو أوصى أو وقف أو نذر التصدق على الفقراء أو المساكين [جاز أن يصرف إلى الصنفين، وجاز أن يصرف للفقراء فقط وإن ذكر المساكين،] وللمساكين فقط وإن ذكر الفقراء، كما

طور بواسطة نورين ميديا © 2015