هذه الزكاة عن أحدهما، وله أن يعينه من بعد.

وقال القاضي الحسين: إنه لو كان له مال بسرخس ومال ببلخ، فأخرج خمسة دراهم، وقال: هذا عن مالي ببلخ أو بسرخس –لا يقع عن واحد منهما؛ لأنه لم يجزم النية.

وهذا عين المسألة التي ذكرناها، ومن العجب أن القاضي الحسين حكى – وتبعه الإمام – فيما إذا قال: هذه عن زكاة أحد ماليّ، ولم يعين عن أيهما كان – أنه يجوز، وله التعيين، ولو تلف أحدهما انصرف إلى الباقي. وهذا يقرب من المسألة قبلها.

ثم ما ذكرناه من الإجزاء عن المال الغائب عند بقائه صوَّره الماوردي بما إذا كان ماله [الغائب] غير مستقر ببلد وإنما هو سائر في بر أو بحر لا يعرف مكانه، ولا يعلم سلامته، فتبرع وأخرج الزكاة عنه.

وقال البندنيجي: إن الشافعي – رحمه الله – فرَّع المسألة على القول بجواز نقل الصدقة، وعلى القولين معاً إذا كانت المسافة قريبة أو بعيدة، ولم يكن أهل السُّهمان في بلد المال [وكان المالك في أقرب البلدان إلى بلد المال] وفيه أهل السهمان.

والقاضي أبو الطيب ومن تبعه قالوا: إن ذلك تفريع على جواز النقل، وعلى منعه يحمل ما إذا كان غائباً عن يد صاحبه وهو معه في البلد، أو غائباً في بلد ليس فيه من أهل السهمان أحد.

قال: ويجوز أن ينوي قبل حال الدفع، [أي: وبعد] العزل؛ لأنها عبادة يجوز تقديمها على وجوبها من غير عذر؛ فجاز تقديم نيتها عليها، ولأن الفعل غير [مقصود] فيها؛ ولذلك جازت الوكالة فيه. وهذا ما صححه الماوردي وابن الصباغ وصاحب "البحر"، و [ادعى] البندنيجي أنه المذهب، ولم يورد القاضي الحسين في كتاب الصيام غيره، وقال القاضي أبو الطيب، وغيره: إنه خرج من نص الشافعي – رحمه الله – في الكفارات حيث قال: "لا تجزئ حتى ينوي مع التعجيل أو قبله"،

طور بواسطة نورين ميديا © 2015