فإن ما أعطى فرض. فأقام الكلام مقام النية، وقال فيه: "وإنما منعني أن أجعل النية في الزكاة كنية الصلاة؛ لافتراق الصلاة والزكاة في بعض حاليهما: فتجوز لزكاة قبل وقتها، ويجوز أن يأخذها الوالي من غير طيب نفسه، وهذا لا يجوز في الصلاة". ولأجل ذلك قال القاضي الحسين: إنه ذهب إلى هذا جماعة، واختاره [الشيخ- يعني] القفال – واحتج له أيضاً بوجهين:
أحدهما: أن إخراج الزكاة في حال الردة جائز، ومعلوم أن المرتد ليس من أهل النية التي يه قربة؛ فدل على أن لفظه كاف.
والثاني: أنه تجزئ في الزكاة النيابة وإن لم يكن النائب من أهلها، فإذا جاز أن ينوب فيها شخص عن شخص جاز أن ينوب اللسان عن القلب، ولا يلزم الحج إذا قلنا: إنه إذا تلفظ بلسانه فيه ولم ينو بقلبه، إنه لا يجزئه؛ فإن النائب فيه لابد وأن يكون من أهل الحج، أما إذا قلنا بأنه يكفي في الحج أيضاً النطق باللسان فقط – كما حكاه القاضي –استوت المسألتان.
والصحيح- وإن ثبت الخلاف – الأول، وقد قيل: إنه [من] تخريج ابن القاص، واختاره صاحب "التقريب" وقال: قول الشافعي – رحمه الله -: "فإن قال بلسانه: هذا عطاء فرض، أجزأه"، أراد [أنه] يقول ذلك مع النية بالقلب.
وأما الوجه الأول – وهو جواز إخراج الزكاة في حال الردة – فقد [حكينا عن] صاحب "التقريب" احتمالاً في أنه لا يخرجها ما دام مرتداً؛ لأجل النية، وإن سلمنا أنه يخرجها – كما هو الصحيح، وقطع [به] الأصحاب – فلا نسلم أن القصد غير معتبر في حق المرتد. نعم، [لا يتصور منه قصد [هو] قربة، وكما لا يتصور منه ذلك] لا يتصور منه أيضاً لفظ هو قربة، وقد قال القفال: إنه لا يسقط الفرض حتى يقول المرتد: هذا عطاء فرض، فإذا جاز اعتبار اللفظ وإن لم يكن قربة [يجوز اعتبار القصد وإن لم يكن قربة]، على أنا نقول: [إن] الزكاة وإن كانت عبادة مفتقرة