للمؤدي، أو لا يكون عزلاً عن التوكيل بالقبض وإن أقبل الوكيل بالدفع على اللفظ الذي حكيناه؛ لأن يد الوكيل ليست منتهى القبض، ومعنى قبضه: أن يوصله إلى موكله، فإذا قال من عليه الدين ادفع هذا إلى موكلك، لم يكن ما قاله مضاداً للقبض؟ فإن قلنا: إنه يكون عزلاً – وهو الأفقه عند الإمام- فيكون الضمان فيما نحن فيه على السائل الأخير؛ لأنه إن كان رب المال فقد نظر من عليه الدين، وإن كان الفقراء فنحن إنما جعلنا إذن الدافع عزلاً للمضادة، وهي ثابتة هنا أيضاً؛ فتكون مسألتهم [عزلاً للإمام] عن وكالة رب المال.
وإن قلنا: لا يكون عزلاً فإن اعتمد الإمام في الأخذ على إحدى المسألتين؛ لكونه رأى الحظ فيها أظهر – كان الاعتبار بها، وكذا فيما لو وقعت المسألتان معاً. وإن اعتمد على المسألتين جاء الوجهان المذكوران في الكتاب، والله أعلم.
وكثير ما يقال: إذا تسلف بمسألة الجميع لم لا يكون الضمان عليهما إحالة على المسألتين، كما أبداه بعض المتأخرين احتمالاً؟
وجوابه: أنا عند انفراده المسألة جعلناها من ضمان السائل؛ [لأن الإمام وكيله فتجعل يده [يده فكأنه تلف في يده، ويستحيل] عند اجتماع المسألتين أن تكون يده نائبة عن كل منهما في حال التلف على كل العين؛ فكذلك امتنعت إضافة الضمان إليهما والله أعلم.
أما إذا تلف بعد تمام الحول والدافع ممن تجب عليه تلك الزكاة فقد سقطت الزكاة في الصور كلها، ويجيء في المسألة وجه [آخر] مماسنذكره في آخر الباب، وهل يضمنه الإمام؟ ينظر: إن فرط في الدفع إليهم ضمنه لهم من مال نفسه، وإلا فلا ضمان على أحد وليس من التفريط أن ينتظر انضمام غيره إليه؛ لقلته ولانشغاله بتعرف أحوالهم وقدر حاجتهم. نعم، منه [ما] إذا عرف ذلك مع كثرة المال ولم يفرقه، سواء طالبوه بذلك أو لا، وليس كالوكيل إذا لم يطالبه موكله بما في يده؛ فإنه لا يضمنه؛ لأن الموكل متعين، والمساكين غير متعينين؛ فله أن يحرم البعض دون