يحتج بحديثه، [كما قال أبو حاتم] الرازي وغيره.
وقد ذهب أبو عبيد بن حربويه من أصحابنا إلى أنه لا يجوز التعجيل قبل الوجوب بحال، حكاه البندنيجي والماوردي وغيرهما، وليس بشيء؛ لما ذكرناه.
وقد أفهم كلام الشيخ أمرين:
أحدهما: عدم جواز تقديمها على ملك النصاب، كما إذا ملك دون الأربعين من الغنم، فعجل شاةً رجاء أن تنتج أخرى ويكمل الحول عليهما فيجزئه المخرج، وبه صرح الأصحاب؛ لأنه يؤدي إلى التقديم على السببين، وهو لايجوز؛ كما لا يجوز تقديم الكفارة على اليمين والحنث، [وهكذا] لو ملك أربعين معلوفة، فعجل على تقدير أن يسيمها ثم ينقضي حولها: لا يجوز؛ لأن المعلوفة ليست مالاً زكاتياً فهي كالمال الناقص عن النصاب، وهكذا الحكم في الزكوات العينية كلها.
وأما زكاة التجارة فيجوز التعجيل فيها على النصاب، مثل: أن يشتري عرضاً قيمته مائة، ويخرج زكاة مائتي درهم معجلة، وتبلغ القيمة في آخر الحول مائتين فإنه يجزئه على ظاهر المذهب في أن النصاب إنما يعتبر في آخر الحول، أما إذا قلنا بمذهب ابن سريج في اعتباره في جميع الحول فلا يجوز التعجيل كسائر الزكوات، صرح به في "البحر" [وغيره].
الثاني: أنه لا يجوز تقديمها [بحولين]، وهو كذلك على المشهور فيما إذا لم يملك سوى نصاب؛ لأنه يؤدي إلى تعجيل زكاة العام الثاني والمال دون النصاب، وفيه وجه: أنه يجوز كما لو عجل زكاة عام عن نصاب، والذي أورده ابن الصباغ الأول. نعم، لو كان يملك أكثر من النصاب بحيث لا ينقصه المخرج عن النصاب، مثل: أن ملك من الغنم اثنتين وأربعين، فأراد إخراج شاتين عن سنتين- فهل يجوز؟ فيه وجهان جاريان في جواز تعجيل أكثر من ذلك بالشرط المذكور:
أحدهما- وهو اختيار أبي إسحاق -: الجواز؛ لحديث العباس.
والثاني: المنع؛ لأن ذلك يؤدي إلى التقديم على السببين معاً، وهذا ما ادعى