قلت: قد سلف منه أن الخلاف في تفريق النية مبني على القولين في الموالاة, أو

مترتب عليهما, وأولى بألا يجزئ تفريق النية؛ فكيف يستقيم مع ذلك قوله: إن قلنا:

يجوز تفريق النية ينظر إلى طول الفصل وقصره؛ نظرا إلى اعتبار الموالاة؟! فتأمله.

ولو أغفل لمعة من أعضاء وضوئه في المرة الأولى, وغسلها في الثانية أو الثالثة -

فهو قاصد غسلهما بنية النفل, وهل تؤثر في نية رفع الحدث المستصحبة؟ فيه وجهان:

حكاهما القاضي الحسين:

أحدهما: نعم؛ لأن نية النفل حاضرة, وتلك مستصحبة؛ فقويت الحاضرة,

والفرض لا يقع بنية النفل؛ كما لو ترك سجدة من صلب الصلاة وسجد للتلاوة أو

للسهو, لا تقوم مقام ما عليه.

والثاني: لا؛ لأن الغسل عن النفل إنما يقع بعد فراغ المحل عن الفرض, وفي هذه

الصورة لم يتفرغ المحل عن الفرض؛ فوقع الغسل عن الفرض. والفرق بين ما نحن

فيه ومسألة السجود: أن نية الطهارة تشتمل على الغسل مرة ومرتين وثلاثا, ونية

الصلاة لا تشتمل على سجدة التلاوة والسهو قطعا ويقينا؛ لأنها تطرأ عليها أحيانا.

وفي "الرافعي" أن الوجهين مخرجان على أصلين سلفا:

أحدهما: أن قصد التبرد إذا طرأ بعد عزوب نية الوضوء, هل يؤثر؟ وهذا اتبع فيه

الإمام؛ فإنه كذا قاله.

والثاني: أن تلك اللمعة ما صارت مغسولة بنية رفع الحدث وما في معناه, بل على

قصد التنفل؛ فيكون كما لو نوى بوضوئه ما يستحب له الطهارة, أي: لا لأجل

الحدث, كتجديد الوضوء.

قلت: وتخريج ذلك على الأصل الأول فيه نظر؛ لأن مثار الخلاف فيه مفرع على

أن مقارنة نية التبرد لنية رفع الحدث لا تؤثر, لأن التبرد يحصل بدون نية - كما

سلف- فلم يؤثر بنيته شيئا, ونية رفع الحدث لو قارنتها نية للتنفل ثانية أو ثالثة لم

تصح وجها واحدا؛ كما لو قصد [تكبيرة واحدة للإحرام] والهوي, فإذا كان مع

طور بواسطة نورين ميديا © 2015