والمسألة السادسة: إذا ائتم بمن لا يعرف أنه مسافر، أو مقيم- يلزمه أن يتم؛ لما ذكرناه في المسألة الثالثة، ولا فرق في ذلك بين أن يظهر له بعد ذلك أنه مقيم أو مسافر.

وحكى الإمام عن شيخه رواية قول عن الشافعي: أنه إذا بان له أنه مسافر قاصر، كان له أن يقصر، كما لو تردد في أن إمامه المسافر نوى القصر أو لا؟ ثم بان أنه قاصر؛ فإنه يقصر وفاقاً، وقد حكى ذلك بعد ذلك وجهاً عن رواية صاحب "التقريب"، ثم قالك ولست أعده من المذهب، والفرق بين التردد في نية الإمام وبين التردد في حاله: هل هو مسافر أو مقيم؟ أن النية لا يطلع عليها، مع أن الظاهر من حال المسافر نية القصر؛ لأن العاقل لا يظن به أنه يختار العمل الطويل مع قلة الأجر، على العمل القصير مع كثرة الأجر، ولا كذلك السفر والإقامة؛ فإن الإطلاع عليهما ممكن، والأصل: الإقامة ولزوم الإتمام، نعم: لو غلب على ظنه أن الشخص مسافر، جاز له نية القصر عند الاقتداء به، صرح به في "الحاوي".

وقد أفهم قول الشيخ: أنه لا يلزمه الإتمام عند الاقتداء بمن عرفه مسافراً، وهو مما لا خلاف فيه، نعم، اختلف الأصحاب في كيفية نيته: [فمنهم من قال: ينوي القصر،] ومنهم من قال: ينوي القصر إن قصر إمامه، والإتمام إن أتم؛ لأن هذا مقتضى نيته فلا يضره عقدها كذلك، وهذا ما حكاه القاضي الحسين، وهو الأصح في الرافعي، والقائل به يجوّز الجزم بالقصر؛ ولذلك قال في "الحاوي": إن كلا الأمرين جائز، والقائل بالأول لا يجوز الثاني، ثم له بعد الاقتداء بالمسافر ثلاث أحوال:

إحداها: أن يراه يتم الصلاة.

والثانية: أن يراه قصرها.

وفي هاتين الحالتين حكمه حكمه.

والثالثة: أن يحدث، وينصرف، فإن أخبره أنه أتم أو قصر، وصدقه- عمل بمقتضى قوله، وإن لم يصدقه، فسيأتي حكمه.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015