فائدة الاستخلاف تنزيل الخليفة منزلة الإمام الأول حتى كأنه هو، ولو استمرت الإمامة من الأول لم يكن [لتجديد نية الاقتداء معنى، ولو انقطعت القدوة من الأول، لكان الظاهر] من القياس: انقطاع الجمعة، وهذا مع القول بأنه لا يجب على المأمومين متابعة الخليفة، مما لا يجتمعان.

وجوابه: أنا نحمل كلامه في عدم اشتراط النية على ما إذا كان الاستخلاف في الأولى؛ ألا ترى إلى قوله: إن القدوة لو انقطعت من الأول، لكان الظاهر من القياس انقطاع الجمعة؟! وانقطاع الجمعة إنما يكون عند انقطاع القدوة في الركعة الأولى دون الثانية. نعم، ما قاله من عدم وجوب الاستخلاف في الثانية يظهر أنه قاله تفريعاً على ما حكاه عن الأئمة في أن حدث الإمام إذا كان في الثانية، وقد منعنا الاستخلاف، يتم القوم صلاتهم جمعة. أما إذا قلنا: إنهم يتمونها ظهراً؛ كما حكيناه عن رواية الماوردي عن المذهب- فيظهر أن يلزمهم الاستخلاف أيضاً؛ كما لو كان حدثه في الأولى؛ فاعلم ذلك.

قال: ويستحب للإمام أن يخفف في الأذكار؛ أي: كالتسبيح في الركوع والسجود والتشهد؛ بحيث لا يزيد على أدنى الكمال، ولا ينقص.

والأصل في ذلك رواية مسلم عن أبي هريرة أنه عليه السلام قال: "إذا أم أحدكم بالناس، فليخفف؛ فإن فيهم الكبير والضعيف والمريض، وإذا صلى وحده فليطل كيف شاء".

وروى مسلم أيضاً، عن أبي مسعود الأنصاري قال: جاء رجل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: "إني لأتأخر عن صلاة الصبح من أجل فلان مما يطول بنا؛ فما رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم غضب في موعظة قط أشد مما غضب يومئذ؛ فقال: "أيها الناس، إن منكم منفرين؛ فأيكم أم الناس أم الناس فليوجز؛ فإن من ورائه الكبير والضعيف وذا الحاجة".

طور بواسطة نورين ميديا © 2015