وسبق الحدث على هذا القول يبطل الصلاة؛ فكيف يستقيم هذا البناء؟

وهذا السؤال قد تعرض له الإمام في "النهاية"، وإن لم يذكر مذهب القاضي، وقد أجاب عنه القاضي بأن قال: [من] هنا يستنبط [أن] للشافعي قولاً في الجديد: أن سبق الحدث لا يبطل الصلاة؛ كذا رأيته في "تعليقه".

قلت: ويجوز أن يكون لهذه الطريقة التي اختارها [القاضي مأخذٌ آخر، وإن قلنا بأن سبق الحدث يبطل صلاة الإمام علي] الجديد: وهو أن صاحب "التلخيص" حكى قولاً للشافعي: أن الإمام إذا تعمد الحدث، بطلت صلاة من خلفه دون ما إذا سبقه الحدث؛ كما صار إليه أبو حنيفة، وحينئذ لا يرد السؤال، والله أعلم.

فرع: هل يجوز الاستخلاف قبل الحدث؟

قال أبو حاتم مُلْقِي أبي العباس بن سريج: نعم، إذا أحس بالحدث.

وقد سئل الشيخ أبو محمد عنه، فجعل الإحساس عذراً، وقال: متى حضر إمام هو أفضل منه، أو حاله أكمل من حاله يجوز استخلافه؛ كذا قاله الرافعي في باب صلاة المسافر عند رعاف الإمام، وسنذكره فيه- إن شاء الله تعالى- مع شيء يتعلق بما نحن فيه.

الثاني: اختصاص جواز الاستخلاف بالإمام؛ كما هو مذهب أبي حنيفة، وقد قال الأصحاب كافة: إنه يجوز للمأمومين أن يستخلفوا واحداً منهم يتم بهم الصلاة؛ إذا لم يستخلف الإمام قبل استخلافهم أحدهم، ولو تقدم واحد منهم من غير استخلاف، قال الإمام: ففيه احتمال عندي من جهة أنه من القوم؛ فتقديمه نفسه كتقديمه [آخر. وهذا] ما صححه بعضهم، وهو يؤخذ من ظاهر نصه في "المختصر"؛ فإنه قال: وإن أحدث الإمام في صلاة الجمعة؛ فتقدم رجل بأمره، أو بغير أمره، وقد [كان] دخل مع الإمام قبل حدثه؛ فإنه يصلي بهم ركعتين.

ولو استخلف الإمام شخصاً، والقوم غيره، قال الإمام: فليس عندي في هذه المسألة نقل، والمسألة محتملة، ولعل الأظهر أن المتبع من يستخلفه القوم؛ فإن الإمام قد بطلت صلاته، وإنما يستخلف بعلقة إمامة كانت وزالت، والقوم باقون

طور بواسطة نورين ميديا © 2015