الجمعة، ولم تحصل [له] تنعقد صلاته ظهراً، انبنى على أن من لا عذر له إذا صلى لظهر قبل فوات الجمعة؛ هل تصح ظهره، أم لا؟ فإن قلنا: تصح، أتمها ظهراً، وغلا أتمها نفلاً، وإنما كان كذلك؛ لأنه كان يمكنه ألا يقبل الاستخلاف؛ فهو المفوت على نفسه الجمعة بغير عذر.

وعن بعض الأصحاب القطع بالصحة هاهنا، [وإن لم تصح صلاة الظهر قبل فوات الجمعة؛ لأنه هاهنا] معذور؛ حيث استخلفه الإمام، وإن تقدم هو؛ لأنه لا يمنع من الإمامة؛ فإذا تقدم، صارت الجمعة في حقه؛ كالفائتة؛ فصح ظهره، وهذا ما صححه الروياني، وقال الرافعي: إنه [الأظهر] عند الأكثرين.

قال الإمام: [فإن قلنا]: إن صلاته تكون ظهراً، أدرك المسبوق الجمعة؛ إذا أدرك [معه] الركوع، وأتم الصلاة.

قال في "التهذيب": ولا يتخرج فيه الوجه المذكور في أن الجمعة لا تصح خلف من يصلي الظهر؛ لأنه صلى ركعة خلف من يراعي صلاة الإمام؛ بخلاف مصلي الظهر.

وإن قلنا: إنها تقع نفلا، انبنى على [أن] المتنفل هل يجوز أن يكون إماماً في الجمعة؟ وفيه قولان: فإن قلنا: يجوز أن يكون إماماً في الجمعة، كان مدركاً أيضاً، وإلا فلا؛ لأن الجماعة شرط في إدراك الجمعة؛ فإذا لم يجز أن يكون الإمام متنفلاً؛ فقد انتفت الجماعة؛ فلا يكون مدركاً.

فإن قيل: هذا يقدح في اقتداء المأمومين غير هذا المسبوق به، وقد قلتم بالجواز؛ إذ هذا تفريع على جواز استخلافه.

قيل في جوابه: إنما جاز اقتداء المأمومين به الذين ليسوا بمسبوقين، مع أنهم يتمون صلاتهم جمعة؛ لأنهم أدركوا مع الإمام المستخلف الركعة الأولى، ولو انفردوا بالثانية لكانوا مدركين للجمعة؛ فليست الجماعة شرطاً في حقهم؛ فلا يمتنع أن يقتدوا فيها بمتنفل؛ كما يشرع الاقتداء في سائر الفرائض بالمتنفل.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015