سنذكره، ولا حاجة مع ذلك إلى قوله "إلا [أنه] لا يستخلف إلا من لا يخالفه في ترتيب الصلاة"، ولما عرف بعض الشارحين ذلك، وضاق عليه الأمر، قال: الصواب أن يقول: فاستخلف إنساناً. ويشبه أن يكون هذا عين الخطأ؛ إذ لو كان كذلك، لاختص محل [ذلك بغير صلاة الجمعة]؛ لما ستعرفه [أنه لا يجوز أن يستخلف] في صلاة الجمعة إلا مأموماً، وكلام الشيخ الآتي صريح في أن ما ذكره جار في الجمعة وغيرها؛ فافهم ذلك.
والقول الثاني الذي سكت عنه الشيخ: أنه لا يجوز أن يستخلف؛ لأنه عليه السلام لما ذكر أنه جنب؛ لم يستخلف، وقال: "مكانكم"، ودخل واغتسل، وخرج، وصلى بهم، ولو كان يجوز لفعله؛ ولأنه لا يجوز الاتئمام بشخصين معاً في صلاة واحدة، [فكذا على] التعاقب فيها، وهذا ما نص عليه في القديم، و"الإملاء".
وأجاب المنتصرون للأول عن الخبر بأن رواية البخاري له صريحة في أنه لم يكن قد أحرم بعد، وإنما ذكر ذلك قبل التحرم؛ فلا حجة فيه، وإن كان ذلك بعد إحرامه فليس فيه أكثر من أنه لم يستخلف، وذلك جائز عندنا، وأما أن الاستخلاف لا يجوز، فليس في الخبر ما يدل عليه، على أنه لو كان فيه ما يدل لقلنا: كان آخر الأمرين من رسول الله صلى الله عليه وسلم الاستخلاف؛ فإن استخلاف أبي بكر- رضي الله عنه- كان في [اليوم] الذي مات فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم.
والفرق بين ذلك وبين ما إذا اقتدى باثنين معاً: أنه لا يمكنه متابعتهما، وها هنا يمكنه [ذلك].
ثم ظاهر كلام الشيخ: أنه لا فرق في جريان القولين [بين] أن يكون ذلك في الجمعة، وغيرها، وبه صرح الجمهور، وحكى الإمام وغيره أن منهم من خصص القولين بصلاة الجمعة؛ فإن الجماعة ركن [فيها]، ويشترط فيها شرائط لا يشترط منها شيء في سائر الصلوات؛ فيليق بها اشتراط اتحاد الإمام، ويجوز في غير الجمعة قولاً واحداً.