ومعنى ذلك: أن عادة أهل الحجاز أن يتخذ المرء لنفسه ثوبَيْ جمال، فإذا أراد الرجل أن يخوِّف غريمه يلبس ثوبي جمال، ويحضر معه مجلس الحكم؛ ليوهم الغريم أنه يشهد عليه؛ فيقر سريعاً.
وقال هو وغيره من المراوزة فيما إذا كان لها زوج: إنه لا يجوز لها فعل ذلك بغير إذنه، وهل يجوز بإذنه؟ فيه وجهان:
أصحهما: الجواز.
ووجه المنع: عموم قوله صلى الله عليه وسلم في رواية أبي سعيد الخدري: "لَعَنَ اللهُ الوَاصِلَةَ والمُسْتَوْصِلَةَ، والوَاشِمَةَ والمُسْتَوْشِمَةَ، والوَاشِرَةَ والمُسْتَوْشِرَةَ، والنَّامِصَةَ والمُتَنَمِّصَةَ، وَالعَاضِهَةَ والمُسْتَعْضِهَةَ"، والواصلة: هي التي تصل الشعر، والمستوصلة: المستدعية ذلك.
وقيل: إن الواصلة التي تصل بين الرجال والنساء.
والتفسير الأول أشهر، وهو يقتضي المنع مطلقاً بالإذن ودونه.
وطرد القاضي الحسين والصيدلاني التفصيل والخلاف في تحمير وجهها، وتسويد شعرها، وتطريف أصابعها بالحناء مع السواد، أما مع الحناء وحده فهو جائز.
وقال الإمام: إنه يبعد إجراء الخلاف في تحمير الوجه مع إذن الزوج؛ إذ لم يرد خبر فيه حتى يجري على عمومه، ولا ينظر إلى معناه كما قلنا في الواصلة ونحوها، واحمرار الوجه قد يصدر عن غضب أو فرح ونحو ذلك.
قال: ولست أرى تسوية الأصداغ وتصفيف الطُّرَرِ محرماً، وتجعيد الشعر قريب من تحمير الوجه.
قلت: وفيما قاله نظر؛ لأن- عليه السلام- جعل النامصة والمتنمصة شريكة