فدخَل عليه فِي المسجد فرَآه قد تنخَّم فِي قِبلة المسجد (?)، فقال لأصحابه: ارجِعُوا فإنَّ الله لم يأمَنْ هذا على أدبٍ من آداب شريعته، فكيف يأتمنه على أسراره؟
وبهذا كلِّه الذي قالَه القرطبي وغيره يتبيَّن خطأ صاحب ذلك الكتاب فِي قوله: والشَّبَّابَة تُحرِّك الدمع وتُرقِّق القلب، ثم قال: ولم يزل أهل المَعارِف [ز1/ 14/ب] والصَّلاح والعلم يحضرون السماع بالشَّبَّابَة، وتجري على أيديهم الكَرامات الظاهرة وتحصل لهم الأحوال السنيَّة، ومرتكِب المحرَّم لا سيَّما إذا أصرَّ عليه يفسق به، وقد صرَّح إمام الحرمين والمتولي وغيرهما من الأئمَّة بامتِناع جَريان الكَرامة على يد الفاسق، ا. هـ.
وبَيان خطئه فِي ذلك وزلَلِه أنَّ قوله: يُرقِّق القلب دعوى كاذبة باطلة، وإلاَّ لم يحرِّمها أكثرُ العلماء، بل الحقُّ أنها تُحرِّك عنده من حُظوظ نفسه وشَهواتها ما يحمله على ما لا ينبغي، وبفرْضٍ أنها لا تحمله فهي شعار الفسَقَة، فوجب اجتنابُها؛ لأنَّ التشبُّه بهم حرام؛ وقد قال - صلَّى الله عليه وسلَّم -: ((مَن تشَبَّه بقومٍ فهوَ منهُم)) (?)، وبفرض أن لا تشبُّه فيها [بالفسَقَة] فهي من الشُّبهات؛ لأنها حرامٌ عند أكثر العلماء كما سيأتي بَسْطُه؛ وأئمَّة التصوُّف