وفي كتابه "صفوة التصوف" (?) وكتابه فِي "السماع" فضائح وتدليسات قبيحة لأشياء موضوعة [ومختلقة على بعض الأئمَّة]، وأمَّا دعواه إجماعَ الصحابة فمُجازفةٌ وتدليس، فقد روى البيهقي عن ابن مسعودٍ - رضِي الله عنه - أنَّه قال: ((الغناء يُنبِت النِّفاق في القلب كما ينبت الماءُ البقلَ)) (?)، وقال: إنْ وقفه عليه هو الصحيح؛ أي: ومثله لا يُقال من قِبَلِ الرأي؛ لأنَّه إخبارٌ عن أمرٍ عيني، فإذا صَحَّ عن الصحابة فقد صحَّ عن النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم - كما هو مُقرَّر عند أئمَّة الحديث والأصول، وقد روى أبو داود وغيره عن ابن مسعود، وأبي هريرة - رضِي الله عنهما - ذلك مع التصريح برَفعِه إلى النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم - وقد قدَّمت فِي المقدمة هذا الحديث وطرقه وما قيل فيه، فراجِعْه فإنَّه مهم.
ثم رأيت الأذرعي أشارَ إلى ما ذكرته أنَّ ذلك لا يُقال من قِبَلِ الرأي، فعلم أنَّ هذا الحديث قد صَحَّ عن النبيِّ - صلَّى الله عليه وسلَّم - بكلِّ تقرير، وحينئذٍ فالحجَّة فيه دُون ما سواه، قال الأذرعي: وما نُسِبَ إلى أولئك الصحابة أكثَرُه لم يثبتْ، ولو ثبَت منه شيءٌ لم يظهر منه أنَّ ذلك الصحابي يُبِيح الغناء المتنازَع فيه، فالمرويُّ عن عمر - رضِي الله عنه - أنَّ غلامًا دخَل عليه فوجده يترنَّم ببيتٍ أو نحو ذلك فعجب منه فقال: إذا خلَوْنا قُلنا كما