سماع العوام: وهو حرامٌ عليهم؛ لبقاء نفوسهم.

وسماع الزهَّاد: وهو مباح لهم؛ لحصول مجاهدتهم.

وسماع العارفين: فيستحبُّ لهم لحياة قُلوبهم، فجعل من السماع ما هو حرام، وصحَّح ما قاله السهروردي فِي "عوارف المَعارِف" (?) وهو من كبار الشافعية أيضًا، وذكر نحوه أبو طالب المكي وهو خلاف ما مرَّ.

قلت: لم ينفرد الجنيد بذلك بل صرَّح به من كبار أئمَّتنا أقضى القضاة الماوردي وغيره، وليس خلافًا لما ذكر؛ لأنَّ الذي مر مفروضٌ فِي سماعٍ لم يخشَ منه فتنة، ولم يقترنْ به منكرٌ بوجه، ومراد الجنيد - رضِي الله عنه - بهذا الحرام ما خُشِي منه فتنة؛ كأنْ سمعه من امرأةٍ أجنبيَّة، [أو أمرد حسن، أو ما اقترن به منكر؛ كهوًى نشَأ] من عشقٍ محرَّم كما هو الغالب على العامَّة، ثم رأيت بعض الشافعيَّة قال: الظاهر أنَّ الجنيد لم يرد التحريم الاصطلاحي، وإنما أراد أنَّه لا ينبغي، ا. هـ.

وما قرَّرت به كلامه أولى كما لا يخفى على مُتأمِّل، وكأنَّ الغزالي أخَذ من كلام الجنيد هذا قوله في "الإحياء": السماع إمَّا مندوب لِمَن غلب عليه حبُّ الله وحبُّ لقائه، فإنَّه يستخرج منه أحوالاً ومُلاطفات ومُكاشفات، وإمَّا مباحٌ لعاشقٍ عشقًا مباحًا لزوجته أو أمَتِه، أو لعامي لم يغلبْ عليه حبُّ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015