ألا ترى أنَّ الولي فِي النكاح شرطه العدالة، ومع ذلك لا يُؤثِّر فيه خرم المروءة؛ لأنَّه لا يخلُّ بالعدالة فِي غير [الشهادة]؛ ومن ثَمَّ كان المعتمَد فيه أنَّه إذا تابَ توبةً صحيحة زوَّج فِي الحال، وإنْ لم تُقبَل شَهادته إلا بعدَ استِبرائه سنة؛ لأنَّه يحتاط للشهادة ما لم يحتَطْ بغيرها، فقياس غيرِها عليها فِي ذلك اشتباهٌ، والقياس نشَأ عن فقْد استِحضار كلامهم فِي غير باب الشهادة، ويلزم على ما قاله هذا المصدور المقهور على أقذَر وظيفةٍ منه سعى عليها أنْ ولي اليتيم لو باشَر خرم مروءة؛ كأنْ أكَل فِي السوق وهو لا يَلِيقُ به سقطَتْ ولايته، وهو باطلٌ كما هو واضحٌ.

(تَنْبِيه [ثامن] (?) قد سبق أنَّه إذا اقترَنَ به قمار كان حَرامًا، وصُورة القمار المجمَع عليها أنْ يخرج العوض من الجانبين مع تَكافُئِهما لتحريم ذلك بالنصِّ؛ إذ الميسر فِي الآية هو القمار، ووجْه حُرمته أنَّ كلَّ واحدٍ منهما مُتردِّد بين أنْ يغلب صاحبه فيغنم أو يغلبه صاحبه فيغرم، فإنْ عدلا عن ذلك إلى حُكم السبق [ز1/ 47/ب] والرمي بأنْ ينفرد أحدُ اللاعبين بإخراج العوض ليُؤخَذ منه إنْ كان مغلوبًا ويمسكه إنْ كان غالبًا، فهذا مختلفٌ فِي جَوازه والأصح حُرمته، وبه جزَم الشيخان، وفرَّقوا بينه وبين جَوازه فِي المسابقة بأنَّ له غرَضًا فيها وهو الحذق فِي الفروسية والرماية، بخلاف الشِّطرَنج ليس [فيه] كبير غرض، وإذا قامر لم يلزم المال المشروط فإنْ أمسَكَه ولم يردَّه فسق ورُدَّتْ شهادته؛ لأنَّه غاصبٌ سواء الصورة الأولى والثانية، فإنْ لم [يأخُذْه] لم يفسقْ بالصورة الثانية؛ لوجود الخِلاف فيها، وكذا الأولى إنْ قطَع فيها بأنَّ أحدهما غالبٌ لزَوال صُورة القمار حينئذٍ.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015