الحبشة بالحِراب بين يدَيْه - صلَّى الله عليه وسلَّم - كما مرَّ، وقد قال البخاري فِي باب الجهاد: باب اللعب بالحراب وغيرها، وأورد حديثَ الحبشة السابق (?)، وقياسه على النرد ممنوعٌ؛ لوضوح الفرق بينهما، إذ الشِّطرَنج موضوعةٌ لصحَّة الفكر [ز1/ 45/أ] وصَواب التدبير ونظام السياسة، فهي تُعِينُ على تدبير الحروب والحساب، والنرد موضوعٌ لما يُشبِه الأزلام، وتفسير النرد بالشِّطرَنج غير صحيح، وزعم أنَّ ابن جبير إنما فعَلَه خوفَ ولاية القضاء، يردُّه أنَّه لو كان كذلك اكتَفَى بمرَّة أو مرَّتين منه، وقد كان يلعَبُها من وَراء ظهر، وهذا إنما يأتي بإدامة طويلة حتى يحصل له تلك الملَكَة، وتمثيله بالحيوانات فِي الأسماء لا يضرُّ؛ لأنها مجازات.

وبالجملة: فقد قال التاج السبكي: إنَّ المنصف إذا نظَر فيما أوردناه من الجانبين علم أنَّ القول بالحلِّ هو الحق الأبلج، وجاءَ عن بعض أئمَّة أهل البيت أنَّه قال: ما مات شريفٌ من الطالبيين إلا بِيعَت الشِّطرَنج فِي ميراثه، قيل: ووُجِدَ فِي تركة الشَّافِعِي، وبالَغ بعض الحفَّاظ فِي ردِّه وتزييفه.

القول الثالث: أنَّه مكروهٌ كراهة تغليظٍ تُوجِب المنع، وكذا مذهب أبي حنيفة على ما حَكاه الماورديُّ فِي "حاويه" (?)، واعترض بأنَّ مذهبه التحريم كما مرَّ، ورُدَّ بأنَّ أصحابه كثيرًا ما يُرجِّحون خلاف ما ذهب إليه.

القول الرابع: أنَّه مكروهٌ كراهةَ تنزيهٍ، وهو الصحيح من مذهبنا، قال التاج السبكي: وهذا هو الذي نَدِين الله به [وهو الصحيح] ونراه الحقَّ الواضح والنهار الجلي، والمنصف إذا أزال العصبيَّة عن نفسه ونظَر فِي دلائل الفريقين علم أنَّ ذلك هو الحق الأبلج، وقيَّد الغزالي الكراهة بالمواظَبة، والأصحُّ أنَّه لا

طور بواسطة نورين ميديا © 2015