(تَنْبِيه ثالث) زعَم ابن حزمٍ أنَّه لم يَصِحَّ فِي تحريم العُود حديث، قال: وقد سمعه ابن عمر وابن جعفر، ا. هـ، وابن حزمٍ هذا رجلٌ ظاهري لا يُعتَدُّ بخلافه، ولا يُعوَّل عليه كما صرَّح به الأئمَّة، وقوله: لم يَصِحَّ فِي تحريم العُود حديثٌ ... مبنيٌّ على ما سبق عنه قريبًا فِي حديث البخاري، وقد علم أنَّه حديث صحيح عند أئمَّة الحديث الذين عليهم المعوَّل فِي القديم والحديث، وزَعْمُه أنَّ هذَيْن الإمامين سَمِعَاه من تهوُّره ومُجازَفته؛ ومن ثَمَّ قال الأئمَّة فِي الرد عليه: لم يثبت ما زعَمَه عنهما، وحاشا ابن عمر من ذلك مع شدَّة ورعه وتحرِّيه واتِّباعه وبُعده من اللهو، قالوا أيضًا: وقوله: لم يصحَّ فيه حديثٌ، جمودٌ منه على ظاهريَّته، وفي عُموم الأحاديث الناصَّة على ذمِّ البِدَع والمُحدَثات وإنكارها ما يدلُّ على تحريمه دلالةً ظاهرة لا مَدفَع لها، وإذا تقرَّر لك ما في هذا التَّنْبِيه واللذَيْن قبله مع ما مرَّ فِي مبحث الرَّقص، علمتَ به بُطلان ما نقَلَه بعضُ مَن لا وثوقَ به ولا تعويلَ عليه عن الشيخ عزِّ الدين ابن عبدالسلام أنَّه سُئِلَ عن الآلات كلها فقال: مُباح، قال ابن القمَّاح: يريد أنَّه لم يردْ دليلٌ صحيحٌ من السُّنَّة على تحريمه فسمعه الشيخ فقال: لا أردت أنَّ ذلك مباح، ا. هـ.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015