والشَّيْخُ مُصرِّحٌ بتحريم سماع العُود، وأنَّه لا خلاف فيه فِي كتب الفقه، وكيف يُظَنُّ بهذا العبدِ [ز1/ 32/أ] القانت الذي قد اشتهر ورَعُه اشتهارَ الشمس أنْ يُصرِّح فِي كتبه بِحُرمَة شيءٍ من غير خِلافٍ فيه ثم يفعله، ما هو إلا أمر قبيح؛ ومن ثَمَّ بالَغ العلماء فِي تكذيب ابن طاهر فِي ذلك، وأنَّ هذا من جملة خُرافاته وكذباته الشَّنِيعة التي تصدُر عن المجازَفة ورقَّة الدِّيانة، ومن مُبالَغته فِي كَذِبه قوله: إنَّه كان مشهورًا عن الشيخ، وإنَّه لم ينقل عن أحدٍ من العلماء أنَّه أنكَرَه عليه.
ومن تدليس هذا الرجل الناقل عن ابن طاهر أنَّه نقَل كذبه ولم ينقل تكذيب العُلَماء له فِي هذا النقل [أصلاً] (?) ومبالغتهم فِي الردِّ عليه.
قوله: وكان إبراهيم بن سعد الزهري من عُلَماء المدينة يقول بإباحته ولا يُحدِّث حديثًا حتى يضرب به جَوابه، هذا من جُملَة الكذب أيضًا على إبراهيم بن سعد، وقد مرَّ عن القرطبي أنَّه نقل إباحة الغناء عنه شاذٌّ، على أنَّه لو فرض صحَّة ذلك عنه لم يجزْ لأحدٍ تقليده؛ للإجماع على أنَّه لا يُقلَّد إلا مجتهدٌ، وإبراهيم هذا ليس من أهل الاجتهاد كما مرَّ عن القرطبي، فهذا النقل [غير مفيد، ولو] (?) فرض صحَّته عنه فكيف وهو لم يصحَّ، فتأمَّل مجازفةَ هذا الرجل كيف أراد أنْ يُعارِض القرطبي بمجرَّد زعْمه، فقال: وإبراهيم بن سعد أحد شيوخ الشَّافِعِي، وروَى عنه البخاري، وهو إمام مجتهدٌ مشهور عدل بارٌّ لله مأمون، وهذا كلُّه من الجزاف، والكذب، والتلبيس، فإنَّ كونه شيخًا للشافعي وغيره لا يقتَضِي بل ولا يدلُّ من وجهٍ