ما ذكره الخطابي أن الذين منعوا الزكاة منهم من كان يسمح بها ولا يمنعها إلا أن رؤساءهم صدوهم عن ذلك الرأي وقبضوا على أيديهم كبني يربوع فإنهم أرادوا أن يبعثوا بها إلى أبي بكر فمنعهم مالك بن نويرة من ذلك وفرقها فيهم، وأنه عرض الخلاف ووقعت الشبهة لعمر في هؤلاء، ثم أن غمر وافق أبا بكر على قتالهم، وتأمل قوله واحتج عمر بقول النبي –صلى الله عليه وسلم-: "أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا لا إله إلا الله" وكان هذا من عمر تعلقاً بظاهر الكلام قبل أن ينظر إلى آخره ويتأمل شرائطه، وتأمل قوله: إن قتال الممتنع من الصلاة كان إجماعاً من الصحابة، وقد أشار الخطابي إلى أن حديث أبي هريرة مختصر. قال النووي –رحمه الله- قال الخطابي: ويبين لك أن حديث أبي هريرة مختصر أن عبد الله بن عمر وأنس –رضي الله تعالى عنهما- روياه بزيادة لم يذكرها أبو هريرة ففي حديث ابن عمر عن رسول الله –صلى الله عليه وسلم-قال: "أمرت أن أقاتل الناس حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله ويقيموا الصلاة ويؤتوا الزكاة فإذا فعلوا ذلك عصموا دماءهم وأموالهم إلا بحقها" وفي رواية أنس "أمرت أن أقاتل الناس حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله وأن يستقبلوا قبلتنا وأن يأكلوا ذبيحتنا وأن يصلوا صلاتنا فإذا فعلوا ذلك حرمت علينا دماؤهم وأموالهم إلا بحقها لهم ما للمسلمين وعليهم ما على المسلمين" انتهى.
قلت: وقد ثبت في الطريق الثالث المذكور في الكتاب من طريق أبي هريرة وروايته أن رسول الله –صلى الله عليه وسلم- قال: "أمرت أن أقاتل الناس حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله ويؤمنوا بي وبما جئت به فإذا قالوا ذلكط عصموا مني دماءهم وأموالهم إلا بحقها"، وفي استدلال أبي بكر واعتراض عمر –رضي الله عنهما-، دليل على أنهما لم يحفظا عن رسول الله –صلى الله عليه وسلم- ما رواه ابن عمر وأنس وأبو هريرة وكان