واعتجال، مع أنهم بذلك الإلزام والفلج لم يذعنوا ويجحدونه وهم به مستيقنون، {كَذَلِكَ زَيَّنَّا لِكُلِّ أُمَّةٍ عَمَلَهُمْ ثُمَّ إِلَى رَبِّهِمْ مَرْجِعُهُمْ فَيُنَبِّئُهُمْ بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ} .
وصفة ما جرى منهم أنهم حضروا بيت الشريف، تجاه بيت الله المنيف، وجالت خيول الأذهان لدى غالب، والكل جرى في ذلك المضمار لإدراك المآرب فأول ما افتتحوا به التكلم والتخاطب وأجمعوا عليه في المطالب قصدر منهم البدأة والتنافس. ووقع منهم بتلك المجالس، وجرى منهم التحاور والمفاوضة والتخاطب فيه والمراوضة مسألة قتال الموحدين الناس والكشف عن وجهها حجب الالتباس. فطلب من حمد بيان الحجة والدليل، والبرهان السالم من الأعاليل والنص القاطع للاحتمال والتأويلز والقامع لسائر الأقاويل على ذلك المنهج والسبيل، فأتى لهم جزاه الله تعالى الثواب الجزيل من النص القاطع القامع لكل أذن واعية وسامع. وأصل لهم من الأصول فيها، ما يؤدي بالمراد ويكفيها وجلب من الأحاديث الصحيحة الراجحة والأدلة الباهرة اللائحة ما شفى وكفى، وصيرهم من قطع اللسان والحجة على شفا وأزاح عن محياهم القتام، ونفا فعصفت على بيت عنكبوتهم نسيم الحق فهفا، وفرق آثارهم ومنارهم بعدما هب عليهم وسفا، وأوقفهم على المنصوص فأقروا وسلموا لتلك النصوص وصدر منهم الإذعان بعد بعدما حملهم الشيطان على كون تلك لم تكن في الكتب مسطرة. ولا موصلة فيها ومقررة. وتفوهوا بحضرة الشريف بذلك حتى أوقفهم أحمد على ما هنالك، ونقل من الكتب التي عندهم ما ضعضع وجدهم، وجلب عليهم علتهم وجهدهم فوطفت جباههم من العرق لما داخلهم من الخجل والفرق فلم يكن حينئذٍ بد ولا حيلة حين قرأوا حجته ودليله، ولم يستطع